القول الثاني: أن التوسل به يكون في حياته وبعد موته ومغيبه وحضرته ولم يقل أحد إن من قال بالقول الأول فقد كفر، ولا وجه لتكفيره، فإن هذه مسألة خفية، وليس أداتها جلية، والكفر إنما يكون بإنكار ما علم من الدين بالضرورة، أو بإنكار الأحكام المجمع عليها، واختلاف الناس فيما يشرع من الدعاء وما لا يشرع كاختلافهم هل تشرع الصلاة عليه صلى الله عليه وسلّم عند الذبح، وليس ذلك من مسائل السبب.
ثم قال العراقي: فانظر كيف أثبت حديث الأعمى وفيه الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلّم بقوله: "يا محمد" والنبي صلى الله عليه وسلّم كان غائباً؛ وقوله: "وإن كان لك حاجة فمثل ذلك" يدل على التشريع، بناء على أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وقول الشيخ: إن القائل بالجواز لا يكفر من قال بالمنع؛ لأن هذه المسألة ليست أدلتها ظاهرة جلية، والكفر إنما يكون بإنكار ما علم من الدين بالضرورة، والمجمع عليه المتواتر من هذه المسألة شبيهة بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلّم عند الذبح، هل تشرع أو لا تشرع؟ وجعل حكم الاستغاثة والتوسل، كالذبح واختلافهم في الصلاة عليه عنده.
لا يقال: مراد الشيخ قول القائل: اللهم بجاه محمد أو بحرمته، لأنا نقول: جواب الشيخ مبني على السؤال، والسؤال إنما هو في الاستغاثة لا التوسل.
وأيضاً: فالشيخ يمنع التوسل كما يمنع الاستغاثة، وإن عذر المجتهد. وجوابه هذا أخرج به نفسه من التكفير، فإنه يقول بالمنع والمجوزون يقولون: من منع فقد نقص من قدر النّبي صلى الله عليه وسلّم.
والجواب عن هذا الكلام من وجوه:
الأول: أن هذا العراقي تصرف في كلام الشيخ بحذف وزيادة ونقصان، وهذا هو تحريف الألفاظ والإلحاد في النقل، والخيانة في الحكاية وأول جواب الشيخ رحمه الله نص في مسألة النزاع، يبطل دعوى العراقي، ويجتث