قال العراقي: النقل الثالث: قال الشيخ ـ بعد أن سئل عمن قال: يجوز الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلّم في كلّ ما يستغاث الله فيه على معنى أنه وسيلة من وسائل الله في طلب الغوث، وكذلك يستغاث بسائر الأنبياء والصالحين في كل ما يستغاث الله فيه، وأن من نفى الاستغاثة بالنبي يكفر؛ لأنه نقص من قدر وما يستحقه ـ إلى آخر ما قال السائل، فأجاء بجواب طويل قال في آخره: "وأمّا التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلّم ففيه حديث في السنن من رواية النسائي والترمذي وغيرهما: "أن أعرابيّاً أتى النّبي صلى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله، إنّي أُصبت في بصري، فادع الله لي، قال له النّبي صلى الله عليه وسلّم: توضأ وصل ركعتين وقل: اللهم، إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد ـ وفي لفظ: أتوسل إليك بنبيك ـ يا محمد إني أتشفع بك في ردّ بصري، اللهم فشفعه فيّ، وقال له النّبي صلى الله عليه وسلّم: إن كان لك حاجة فمثل ذلك، فرد الله بصره" فلأجل هذا الحديث استثنى الشيخ عز الدين بن عبد السلام التوسّل به وللناس في معنى ذلك قولان:
أحدهما: أن هذا التوسل هذا الذي ذكره عمر بن الخطاب لما قال: "كنا نتوسل إليك بنبيك فتسقنا، وإنا نتوسل إليك بعمّ نبيك فاسقنا، فيسقون" فقد ذكر أنهم كانوا يتوسلون به في حياته في الاستسقاء ثم توسلوا بعمه العباس بعد موته، وتوسلهم به هو استسقاؤهم به بحيث يدعو ويدعون معه ويكون وسيلتهم إلى الله، وهذا لم يفعله الصحابة بعد موته، ولا في مغيبه، والنّبي كان في مثل ذلك شافعاً داعياً.