سفري الأول وأنا ابن عشرين سنة، أجول سبع سنين، وخرجت المرة الثانية ـ وكان سني في هذه الرحلة 47 سنة ـ. (?)
فانظر لحال ذلك الرجل العجيب، كم قطع من المسافات مشيًا على الأقدام، وانظر لحال خروجه في سن السابعة والأربعين، لتعلم أنَّ العلم لا يتوقف على سن، بل العلم يطلب من المهد إلى اللحد.
ومثيله هذا الحافظ الجوال ابن منده (ت 395هـ) بدأ الرحلة في طلب العلم وهو ابن عشرين سنة، ورجع وهو ابن خمس وستين سنة، ولما عاد إلى وطنه تزوج ـ وهو ابن 65 سنة!! ـ، ورزق الأولاد، وحدَّث بالكثير.
وقد قال ـ رحمه الله ـ: طفت الشرق والغرب مرتين. (?)
رحلة الأهوال.
واسمع عن أبي حاتم الرازي هذا الخبر العجيب، وانظر إلى أشد ما لاقيت من نصب في تحصيل، وقارن بين حالك هذه وحال أولئك؛ لتعرف لماذا حازوا إلى الآن قصب السبق مع كثرة الإمكانيات التي أتيحت لنا دونهم.
قال ـ رحمه الله ـ: " لما خرجنا من المدينة من عند داود الجعفري صرنا إلى الجار وركبنا البحر، وكنا ثلاثة أنفس: أبو زهير المروزى