وقيل: الإخلاص سر بين الله وبين العبد، لا يعلمه ملك فيكتبه، ولا شيطان فيفسده، ولا هوى فيميله
فالإخلاص تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين، فمتى أفردت ربك بالطاعة، ونسيت رؤية الخلق بدوام نظرك إلى الخالق، فقد تحقق لك الإخلاص. ولكن كيف؟ هذه هي القضية.
كيف أخلص؟
إذا سألت كيف أنوي نية صالحة، وأخلص النية لله تعالى؟!
فالجواب كما قال أبو حامد الغزالي ـ رحمه الله تعالى ـ: " اعلم أن النية والإرادة والقصد عباراتٌ متواردة على معنى واحد، وهو حال وصفة للقلب يكتنفها أمران: علمٌ وعمل، العلم يقدُمُهُ؛ لأنه أصله وشرطه، والعمل يتبعه؛ لأنه ثمرته وفرعه؛ وذلك لأن كل عمل ـ أعنى كل حركة وسكون اختياري ـ فإنه لا يتم إلا بثلاثة أمور: علم، وإرادة، وقدرة؛ لأنه لا يريد الإنسان ما لا يعلمه، فلا بد أن يعلم، ولا يعلم ما لم يرد، فلا بد من إرادة.، ومعنى الإرادة انبعاث القلب إلى ما يراه موافقًا للغرض، إما في الحال، أو في المآل.
فقد خلق الإنسان بحيث يوافقه بعض الأمور، ويلائم غرضه ويخالفه بعض الأمور، فيحتاج إلى جلب الموافق الملائم إلى نفسه، ودفع الضار المنافي عن نفسه، فاضطر بالضرورة إلى معرفة وإدراك للشيء المضر