وترى هذا الضرب لم يستضيئوا بنور العلم، ولا لهم وقع في النفوس، ولا لعلمهم كبير نتيجة من العمل، وإنما العالم من يخشى الله تعالى.
وقوم نالوا العلم، وولوا به المناصب فظلموا، وتركوا التقيد بالعلم، وركبوا الكبائر والفواحش فتبًا لهم، فما هؤلاء بعلماء!!
وبعضهم لم يتق الله في علمه، بل ركب الحيل، وأفتى بالرخص، وروى الشاذ من الأخبار.
وبعضهم اجترأ على الله، ووضع الأحاديث فهتكه الله، وذهب علمه، وصار زاده إلى النار. وهؤلاء الأقسام كلهم رووا من العلم شيئًا كبيرًا، وتضلعوا منه في الجملة، فخلف من بعدهم خلف بان نقصهم في العلم والعمل، وتلاهم قوم انتموا إلى العلم في الظاهر، ولم يتقنوا منه سوى نزر يسير، أوهموا به أنهم علماء فضلاء، ولم يدر في أذهانهم قط أنهم يتقربون به إلى الله؛ لأنهم ما رأوا شيخًا يقتدى به في العلم، فصاروا همجًا رعاعًا، غاية المدرس منهم أنْ يحصل كتبا مثمنة يخزنها، وينظر فيها يوما ما، فيصحف ما يورده، ولا يقرره، فنسأل الله النجاة والعفو، كما قال بعضهم: ما أنا عالم، ولا رأيت عالمًا. (?)
وفي ترجمة ابن جريج: قال الوليد بن مسلم سألت الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز وابن جريج: لمن طلبتم العلم؟!! كلهم يقول: لنفسي. غير أنَّ ابن جريج فإنَّه قال: طلبته للناس.