المسألة.، وأكثر الناس اليوم لا علم له إلا ببعض المسائل، وليتها بالنافعة، وإنما شواذ المسائل، وغريب الآراء، والمهجور من الأقوال، وكأن الشعار "خالف تُعرف" فالخلاف عنده أشهى من الاتفاق.
كنت في صحبة شيخنا العلامة ابن عثيمين، وسألته عن مسألة يدندن حولها الكثيرون، فغضب الشيخ وأخذ يقول: من ذا الذي يحيي هذه المسائل بعد أن ماتت؟ وأخذ يردد ذلك.
فالولع بالغريب والشاذ من الأقوال، وإحياء المسائل المهجورة والتي حسمها أهل العلم منذ زمن بعيد، كل ذلك ـ إن كان عن عمد ـ يدل على خلل واضح، وسوء قصد بين، لا سيما إذا كان الأمر زلَّ فيه عالم من العلماء، ومن هنا حذر أهل العلم من تتبع هذه المسائل التي أسموها بـ " الطبوليات " إذ قيل: " زلة العالم مضروب لها الطبل ". (?)
3. ومن المظاهر الشغب على المخالف والزهو بالمتبع.
فإنك تراه يشغب على من خالفه، ويعاديه، وينفر منه، ويفرح بالمدح، ويزهو بكثرة الاتباع، وبالضد تتميز الأشياء، وتلك من نتاج العصبيات والحزبيات، لعدم تحقيق عقيدة الولاء والبراء فيصير الولاء للمتبع، والبراء للمخالف، وما كان هذا هدي السلف في الخلاف، لا سيما في الفروع، ومن أهم علامات الصادق استواء المدح والذم عنده، فإن لم يكن كذلك فليتهم نفسه.