يَرُدُّ غيبتَهم، وإن لم يستطعْ فارق تلك المجالسَ التي تعقدُ في "تصنيفِ العلماءِ" و "النيلِ منهم" و "القدحِ في ذواتِهم أو آرائِهم"، وهي مجالسُ لا تبوءُ بصاحبِها إلى خيرٍ البتةَ.
فالقدحُ في العلماءِ مُحَرَّمٌ؛ لأنهم من المسلمين، والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ دماءَكم وأموالَكم وأعراضَكم عليكم حرامٌ كحرمةِ يومِكم هذا في شهرِكم هذا في بلدِكم هذا" (?).
ولمَّا كان القدحُ في العلماءِ مَطِيَّةً للقدحِ في الدينِ ازدادتْ حُرمةُ ذلك الصنيعِ شرعًا، إذ قاعدةُ الشريعةِ الأصيلةُ أنَّ للوسائلِ حكمَ المقاصدِ، فمتى ما أَفْضَتِ الوسيلةُ لمحرمٍ فإنها تُحَرَّمُ تبَعًا لأثرِها وما ينتجُ عنها.
لذلك كان سَابُّ الصحابةِ زنديقًا؛ لأنَّ انتقاصَ الصحابةِ انتقاصٌ للرسولِ - صلى الله عليه وسلم -، إذ ما أقبحَ بالرجلِ أن يصحبَه صحابةُ السُّوءِ (?).
وتواترت الآثارُ عن السَّلفِ في رميهم القادحَ في أهلِ العلمِ من التابعين فمن بعدَهم بالزندقةِ، وهذا محمولٌ على الكلامِ في العالمِ بظلمٍ وهوى.
وكان السَّلفُ يعظمون قدرَ العلماءِ، وَيرَوْن مَن اسْتَخَفَّ بهم على سبيلِ الهَلَكَةِ.