وقال -رضي الله عنه-: ألا وإنَّ الناس بخيرٍ ما أخذوا العلمَ عن أكابرِهم، ولم يَقُم الصغيرُ على الكبيرِ، فإذا قام الصغيرُ على الكبيرِ فقد (?) - أي هلكوا.
ويَصْدُقُ في ذلك قولُ القائلِ:
متى يصلُ العطاشُ إلى ارتواءٍ ... إذا اسْتَقَت البحارُ مِن الرَّكايا (?)
والشريعةُ جاءت بالمحافظةِ على قدرِ الكبيرِ، فهو المُقدَّمُ للإمامةِ في الصلاةِ عند التَّساوي في القراءةِ والعلمِ، فواجبُ الأحداثِ أن يتفرغوا للطلبِ والتَّلقي، فهذا زمانُ الأخذِ فانْهَلْ، أمَّا الكبيرُ فزمانُه زمانُ الإنفاقِ، فَلْيَجُد ولا يَبْخَلْ.
ومِن أَسَفٍ أنْ تَرَى بعضَ الناسِ يأخذُ عن بعضِ طلبةِ العلمِ الصغارِ ما يتعارضُ مع ما يَرَاه الأَجِلَّةُ من العلماءِ، وأن يحفظَ لطالبِ العلمِ من الحقوقِ ما لا يحفظُ لغيرِه من أكابرِ العلماءِ، فاحفظْ -أيها المتفقه- للعلماءِ مراتبَهم.
فطالبُ العلم عفيفُ اللسانِ، ذليلُ النفْسِ، بغيتُه رضا رَبِّه، ووسيلتُه إلى ذلك الأخذُ عن أهلِ العلمِ والفضلِ، فكلُّهم ذوو شأنٍ عندَه ومكانةٍ، لا يَحُطُّ من قَدْرِ أحدِهم، لا يُنْصِتُ لفاحشِ القولِ فيهم، بل