يحصل بأمر غير معتاد، ولكن بأمر يهبه الله للمتعلم عند مثوله بين يدي المعلم، ظاهر الفقر، بادي الحاجة، إلى ما يلقى إليه.
وهذا ليس ينكر، فقد نبه عليه الحديث الذي جاء " أن الصحابة أنكروا أنفسهم عندما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم " (?) وحديث حنظلة الأسيدى: حين شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم إذا كانوا عنده وفى مجلسه كانوا على حالة يرضونها، فإذا فارقوا مجلسه زال ذلك عنهم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو أنكم تكونون كما تكونون عندى لأظلتكم الملائكة بأجنحتها " (?)
وقد قال عمر بن الخطاب: " وافقت ربى في ثلاث " (?) وهى من فوائد مجالسة العلماء، إذ يفتح للمتعلم بين أيديهم مالا يفتح له دونهم، ويبقى ذلك النور لهم بمقدار ما بقوا في متابعة معلمهم، وتأدبهم معه، وإقتدائهم به.
فهذا الطريق نافع على كل تقدير، وقد كان المتقدمون لا يكتب منهم إلا القليل، وكانوا يكرهون ذلك؛ وقد كرهه مالك فقيل له فما نصنع؟
قال: تحفظون وتفهمون، حتى تستنير قلوبكم، ثم لا تحتاجون إلى الكتابة.