وَلَا إنْ أَخَذَ مِنْ الْعُمَّالِ، أَوْ أَكَلَ عِنْدَهُمْ بِخِلَافِ الْخُلَفَاءِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا) تُقْبَلُ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ (إنْ أَخَذَ) الشَّاهِدُ مَالًا (مِنْ الْعُمَّالِ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الْمِيمِ، جَمْعُ عَامِلٍ الْمُقَامِينَ عَلَى قَبْضِ الْخَرَاجِ وَنَحْوِهِ الْمَضْرُوبِ عَلَى أَيْدِيهِمْ الَّذِينَ لَمْ يُفَوَّضْ إلَيْهِمْ صَرْفُهَا فِي وُجُوهِهَا (أَوْ أَكَلَ) الشَّاهِدُ (عِنْدَهُمْ) أَيْ الْعُمَّالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِمْ أَكْلًا مُتَكَرِّرًا (بِخِلَافِ) الْأَخْذِ وَالْأَكْلِ مِنْ (الْخُلَفَاءِ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ اللَّامِ مَمْدُودًا جَمْعُ خَلِيفَةٍ، أَيْ السَّلَاطِينِ النَّائِبِينَ عَنْ رَسُولٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي تَنْفِيذِ الْأَحْكَامِ وَإِقَامَةِ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ وَالتَّصَرُّفِ فِي أَمْوَالِ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ بِحِفْظِهَا وَصَرْفِهَا فِي جِهَاتِهَا الشَّرْعِيَّةِ وَالْأَكْلِ عِنْدَهُمْ، فَلَا يَمْنَعَانِ قَبُولَ الشَّهَادَةِ، وَمِثْلُهُمْ الْعُمَّالُ الْمَأْذُونُ لَهُمْ فِي ذَلِكَ. ابْنُ عَرَفَةَ قِيلَ لِسَحْنُونٍ مَنْ قَبِلَ صِلَةَ السُّلْطَانِ أَوْ أَكَلَ طَعَامَهُ وَسَلَاطِينُ الزَّمَانِ مَنْ عَلِمْت هَلْ تَسْقُطُ عَدَالَتُهُ، وَقَدْ قَبِلَ جَوَائِزَ السُّلْطَانِ مَنْ قَدْ عَلِمْت مِنْ أَئِمَّةِ الْهُدَى وَالْعِلْمِ، أَخَذَ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - جَوَائِزَ الْحَجَّاجِ وَالْحَجَّاجُ مَنْ قَدْ عَلِمْت وَابْنُ شِهَابٍ جَوَائِزَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَغَيْرِهِ مِنْ الْخُلَفَاءِ، وَأَخَذَ مَالِكٌ جَوَائِزَ أَبِي جَعْفَرٍ وَلَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْخَوْفِ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ تَرَكَ الْأَخْذَ مِنْهُمْ فَلَمْ يَرَ مِنْهُمْ إلَّا خَيْرًا.

وَذُكِرَ أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ أَمَرَ لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " بِثَلَاثِ صُرَرٍ فَأَتْبَعَهُ الرَّسُولَ بِهَا فَسَقَطَتْ مِنْهُ صُرَّةٌ مِنْهَا فِي الزَّحْمَةِ فَأَتَاهُ بِصُرَّتَيْنِ فَسَأَلَهُ عَنْ الثَّالِثَةِ فَأَنْكَرَهَا فَأَلَحَّ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَلَيْهِ فِيهَا حَتَّى أَتَاهُ بِهَا مَنْ وَجَدَهَا، وَجَمِيعُ الْقُضَاةِ مِنْ السُّلْطَانِ يُرْزَقُونَ وَيَأْكُلُونَ فَكَتَبَ سَحْنُونٌ مَنْ قَبِلَ الْجَوَائِزَ مِنْ الْعُمَّالِ الْمَضْرُوبِ عَلَى أَيْدِيهِمْ سَقَطَتْ شَهَادَتُهُ، وَمَنْ كَانَتْ مِنْهُ الزَّلَّةُ وَالْفَلْتَةُ فَغَيْرُ مَرْدُودِ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ الْخَفِيفَ مِنْ الزَّلَّةِ وَالْفَلْتَةِ لَا يَضُرُّ فِي الْعَدَالَةِ، وَالْمُدْمِنُ عَلَى الْأَكْلِ مِنْهُمْ سَاقِطُ الشَّهَادَةِ وَمَا قُلْت مِنْ قَبُولِ ابْنِ شِهَابٍ وَمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَيْسَ بِحُجَّةٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَجَوَائِزُ الْخُلَفَاءِ جَائِزَةٌ لَا شَكَّ فِيهَا لِاجْتِمَاعِ الْخَلْقِ عَلَى قَبُولِ الْعَطِيَّةِ مِنْ الْخُلَفَاءِ مِمَّنْ يُرْضَى مِنْهُمْ وَمِمَّنْ لَا يُرْضَى، وَجُلُّ مَا يَدْخُلُ بَيْتَ الْمَالِ مُسْتَقِيمٌ، وَمَا يَظْلِمُ فِيهِ قَلِيلٌ فِي كَثِيرٍ، وَلَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَخْذَ الْعَطَاءِ مُنْذُ زَمَنِ مُعَاوِيَةَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إلَى الْيَوْمِ، وَالْقُضَاةُ أُجَرَاءُ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ.

وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - سَمِعَتْ عَلِيَّ بْنَ زِيَادٍ يُنْكِرُهُ وَيَرْفَعُهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015