وَلَا إنْ تَعَصَّبَ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQابْنُ رُشْدٍ قَوْلُهُ قَبُولُ جَوَائِزِ الْعُمَّالِ جُرْحَةٌ مَعْنَاهُ عِنْدِي عُمَّالُ الْجِبَايَةِ الَّذِينَ إنَّمَا جُعِلَ لَهُمْ قَبْضُ الْأَمْوَالِ وَتَحْصِيلِهَا دُونَ وَضْعِهَا فِي وُجُوهِهَا بِالِاجْتِهَادِ. وَأَمَّا الْأُمَرَاءُ الَّذِينَ فَوَّضَ لَهُمْ الْخَلِيفَةُ أَوْ خَلِيفَتُهُ قَبْضَ الْأَمْوَالِ وَصَرْفَهَا فِي وُجُوهِهَا بِاجْتِهَادِهِمْ كَالْحَجَّاجِ وَشَبَهِهِ مِنْ أُمَرَاءِ الْبِلَادِ الْمُفَوَّضِ جَمِيعُ الْأُمُورِ فِيهَا إلَيْهِمْ، فَجَوَائِزُهُمْ كَجَوَائِزِ الْخُلَفَاءِ. فَإِنْ صَحَّ أَخْذُ ابْنِ عُمَرَ جَوَائِزَ الْحَجَّاجِ فَهَذَا وَجْهُهُ، وَأَمَّا الْقُضَاةُ وَالْأَجْنَادُ وَالْحُكَّامُ فَلَهُمْ أَخْذُ أَرْزَاقِهِمْ مِنْ الْعُمَّالِ الْمَضْرُوبِ عَلَى أَيْدِيهِمْ الَّذِينَ فُوِّضَ إلَيْهِمْ النَّظَرُ فِي ذَلِكَ وَضَرَبَ عَلَى أَيْدِيهِمْ فِيمَا سِوَاهُ، وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ لَا بَأْسَ بِجَوَائِزِ الْخُلَفَاءِ، فَأَمَّا جَوَائِزُ الْعُمَّالِ فَفِيهَا شَيْءٌ يُرِيدُ الَّذِينَ ظَهَرَ أَمْرُهُمْ أَنَّهُ مُفَوَّضٌ إلَيْهِمْ مِنْ قِبَلِ خُلَفَائِهِمْ، وَلَمْ يَتَحَقَّقْ ذَلِكَ، وَيُرِيدُ أَنَّ الْأَخْذَ مِنْهُمْ مَكْرُوهٌ وَلَوْ تَحَقَّقَ التَّفْوِيضُ إلَيْهِمْ لَمْ يَكُنْ لِكَرَاهَةِ أَخْذِ جَوَائِزِهِمْ وَجْهٌ، كَمَا أَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ فِي إعْطَاءِ الْمَالِ بِاجْتِهَادِهِمْ لِمَنْ يَعْمَلُ عَمَلًا لَمْ يَكُنْ لِتَسْوِيغِ أَخْذِ جَوَائِزِهِمْ وَجْهٌ، فَإِنْ كَانَ حَلَالًا وَعُدِلَ فِي قِسْمَتِهِ فَاتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى جَوَازِ أَخْذِ الْجَائِزَةِ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يُعْدَلْ فِي قِسْمَتِهِ فَالْأَكْثَرُ عَلَى جَوَازِ أَخْذِ الْجَائِزَةِ مِنْهُ، وَكَرِهَهُ بَعْضُهُمْ، وَإِنْ شَابَ الْمَجْبِيَّ حَلَالٌ وَحَرَامٌ فَالْأَكْثَرُ عَلَى كَرَاهَةِ الْأَخْذِ مِنْهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَهُ
وَإِنْ كَانَ الْمَجْبِيُّ حَرَامًا فَمِنْهُمْ مَنْ حَرَّمَ أَخْذَ الْجَائِزَةِ وَالرِّزْقِ عَلَى عَمَلٍ مِنْ الْأَعْمَالِ مِنْهُ، وَرُوِيَ هَذَا عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ كَرِهَهُ اهـ. الْبُنَانِيُّ قَسَّمَ ابْنُ رُشْدٍ مَا بِيَدِ الْأُمَرَاءِ مِنْ الْمَالِ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ، أَحَدُهُمَا حَلَالٌ لَا يُعْدَلُ فِي قَسْمِهِ، فَالْأَكْثَرُ عَلَى جَوَازِ قَبُولِهِ مِنْهُمْ، وَقِيلَ يُكْرَهُ. الثَّانِي مُخْتَلِطٌ حَلَالٌ وَحَرَامٌ، فَالْأَكْثَرُ عَلَى كَرَاهَةِ أَخْذِهِ، وَقِيلَ يَجُوزُ. الثَّالِثُ حَرَامٌ فَقِيلَ يَحْرُمُ أَخْذُهُ، وَقِيلَ يُكْرَهُ وَقِيلَ يَجُوزُ. قَالَ وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ الْحَرَامُ فَلَهُ حُكْمُهُ، وَإِنْ غَلَبَ الْحَلَالُ فَلَهُ حُكْمُهُ وَفِيهِ كَرَاهَةٌ خَفِيفَةٌ.
(وَلَا) تُقْبَلُ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ (إنْ تَعَصَّبَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ. ابْنُ فَرْحُونٍ مِنْ مَوَانِعِ الشَّهَادَةِ الْعَصَبِيَّةُ وَهُوَ بُغْضُ الرَّجُلِ الرَّجُلَ لِكَوْنِهِ مِنْ بَنِي فُلَانٍ أَوْ مِنْ قَبِيلَةِ كَذَا وَنَحْوِهِ فِي الْمُفِيدِ، «وَعَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ