بِخِلَافِ تُهْمَةِ جَرٍّ، وَدَفْعٍ وَعَدَاوَةٍ

وَلَا عَالِمٍ عَلَى مِثْلِهِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَغَيْرُ وَاحِدٍ، وَلَفْظُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَوْ حَدَثَ بَعْدَ الْأَدَاءِ بَطَلَتْ مُطْلَقًا، وَقِيلَ إلَّا بِنَحْوِ الْجِرَاحِ وَالْقَتْلِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْفِسْقُ مِمَّا يُسِرُّهُ النَّاسُ كَالزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ، فَمُقْتَضَى كَلَامِ بَعْضِ الشُّيُوخِ أَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَى أَنَّ حُدُوثَهُ بَعْدَ الْأَدَاءِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ يُبْطِلُهُ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى كُمُونِهِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُسَرُّ كَالْجَرْحِ وَالْقَتْلِ، فَقَالَ ابْن الْقَاسِمِ يُبْطِلُهَا، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يُبْطِلُهَا، أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ. (بِخِلَافِ) حُدُوثِ (تُهْمَةِ جَرٍّ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَشَدِّ الرَّاءِ وَصِلَتُهُ مُقَدَّرَةٌ، أَيْ لِنَفْعٍ بَعْدَ الْأَدَاءِ كَتَزَوُّجِ الشَّاهِدِ الْمَرْأَةَ الَّتِي شَهِدَ لَهَا فَلَا تَبْطُلُ شَهَادَتُهُ. ابْنُ رُشْدٍ إلَّا أَنْ تَثْبُتَ خِطْبَتُهُ لَهَا قَبْلَ ذَلِكَ (وَ) بِخِلَافِ حُدُوثِ تُهْمَةِ (دَفْعٍ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ، أَيْ لِضُرٍّ كَشَهَادَةٍ بِفِسْقِ رَجُلٍ ثُمَّ شَهِدَ الْمَشْهُودُ بِفِسْقِهِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ رَجُلًا خَطَأً، وَالشَّاهِدُ بِالْفِسْقِ مِنْ عَاقِلَتِهِ فَلَا تُرَدُّ الشَّهَادَةُ بِالْفِسْقِ. (وَ) بِخِلَافِ حُدُوثِ (عَدَاوَةٍ) دُنْيَوِيَّةٍ بَيْنَ الشَّاهِدِ وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْأَدَاءِ كَتَجَدُّدِ خُصُومَةٍ بَيْنَهُمَا فَلَا يُبْطِلُهَا إذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهَا سَبَبٌ سَابِقٌ.

(وَلَا) تُقْبَلُ شَهَادَةُ (عَالِمٍ عَلَى مِثْلِهِ) ابْنُ عَاتٍ عَنْ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْ الشَّعْبَانِيِّ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْقُرَّاءِ فِي كُلِّ شَيْءٍ إلَّا شَهَادَةَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ لِتَحَاسُدِهِمْ كَالضَّرَائِرِ وَالْحَسُودُ ظَالِمٌ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى مَنْ يَحْسُدُهُ اهـ. الْمُتَيْطِيُّ فِي الْمَبْسُوطَةِ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْقَارِئِ عَلَى الْقَارِئِ يَعْنِي الْعُلَمَاءَ؛ لِأَنَّهُمْ أَشَدُّ النَّاسِ تَحَاسُدًا. وَقَالَهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمَالِكُ بْنُ دِينَارٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. تت كَانَ الْغُبْرِينِيُّ يُنْكِرُ ذَلِكَ الْقَوْلَ. ابْنُ عَرَفَةَ الْعَمَلُ عَلَى خِلَافِهِ ثُمَّ قَالَ عَقِبَ كَلَامِ الشَّعْبَانِيِّ هَذَا الْكَلَامُ سَاقِطٌ لِمُنَاقَضَةِ بَعْضِهِ بَعْضًا؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ لَهُمْ وَصْفَ الظُّلْمِ وَمَنْ ثَبَتَ لَهُ ذَلِكَ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ عَلَى أَحَدٍ وَلَا رِوَايَتُهُ؛ لِأَنَّهُ فَاسِقٌ وَهُوَ مُنَاقِضٌ لِقَوْلِهِ أَوَّلًا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَرَدُّ شَهَادَتِهِمْ عَلَى الْإِطْلَاقِ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ، ثُمَّ هَذَا الْكَلَامُ إنْ أُرِيدَ بِهِ مَنْ ثَبَتَ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ فَغَيْرُ مُخْتَصٍّ بِهِمْ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْعُمُومُ فَمُعَارِضٌ لِأَدِلَّةِ الشَّرْعِ، وَمَا أَظُنُّهُ يَصْدُرُ مِنْ عَالِمٍ وَلَعَلَّهُ وَهْمٌ مِنْ النَّقَلَةِ، وَبِمَاذَا يُخَرِّجُ نَفْسَهُ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْهُمْ فَقَدْ دَخَلَ فِي ذَلِكَ فَقَوْلُهُ غَيْرَهُ مَقْبُولٌ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ فَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015