وتبسمُ عنْ شتيتِ النَّبتِ غرٍّ ... عذابٍ تُبرئُ الدَّنفِ السَّقيما

تبذُّ الغانياتِ بكلِّ أرضٍ ... إذا أخذتْ وشاحاً أو بَريما

وتملأُ عينَ مَن يلهُو إليها ... ولستَ بواجدٍ فيها مَذيما

وإنَّا النَّازلونَ بكلِّ ثغرٍ ... ولو لمْ تلقَه إلاَّ هَسيما

ترَى فيها الجيادَ مسوَّماتٍ ... معَ الأبطالِ يعلكنَ الشَّكيما

وجمعاً مثلَ سلمى مكفهرّاً ... تشبِّههمْ إذا اجتمعوا قُروما

بمثلهمِ تُلاقي يومَ هيْجا ... إذا لاقيتَ بأساً أو خُصوما

نفيْنا وائلاً عمَّا أرادتْ ... وكانتْ لا تحاولُ أنْ تَريما

وقال عمرو بن شأس:

ألم تربعْ فتُخبركَ الرُّسومُ ... على فرتاجَ والطَّللُ القديمُ

تحمَّلَ أهلُها وجرتْ عليها ... رياحُ الصَّيفِ والسَّبطُ المديمُ

وندمانٍ يزيدُ الكأسَ طيباً ... سقيتُ إذا تغوَّرتِ النُّجومُ

رفعتُ برأسهِ فكشفتُ عنهُ ... بمعرقةٍ ملامةَ مَن يلومُ

ولمَّا إنْ تنبَّهَ قامَ خرقٌ ... منَ الفتيانِ مختلقٌ هضومُ

إلى وجناءَ ناجيةٍ فكاستْ ... وهَى العرقوبِ منها والصَّميمُ

فأشبعَ شربهُ وجرَى عليهمْ ... بإبريقينِ كأسهُما رذومُ

تراها في الإناءِ لها حميَّا ... كميتاً مثلَ ما فقعَ الأديمُ

ترنِّجُ شربَها حتَّى تراهمْ ... كأنَّ القومَ تنزِفهمْ كلومُ

فبتْنا بينَ ذاكَ وبينَ مسكٍ ... فيا عجَبي لعيشٍ لو يدومُ

نطوِّفُ ما نطوِّفُ ثمَّ يأوي ... ذوو الأموالِ منَّا والعديمُ

إلى حفرٍ أسافلُهنَّ جوفٌ ... وأعلاهنَّ صفَّاحٌ مقيمُ

وقمْنا والرِّكابُ مخيَّساتٌ ... إلى فتلٍ مرافقهنَّ كومُ

كأنَّا والرِّحالَ على صوارٍ ... برملِ جُرادَ أسلمَها الصَّريمُ

وقال عمرو بن شأس:

أتعرفُ مِن ليلى رسومَ معرَّسِ ... بلينَ وما يقدمْ بهِ العهدُ يدرسِ

وما ربُّ صرفٍ دنُّها حد خدِيَّةٌ ... تميتُ عظامَ الشَّاربِ المتكيِّسِ

يعادُ لها إبريقُها وزجاجُها ... بأنعمِ عيشٍ مِن شواءٍ وأكؤسِ

بأنعمِ منَّا ليلةً نزلتْ بنا ... تلمُّ وأُخرى ليلةً بالمغلَّسِ

تمضَّتْ إلينا لمْ يرِب عينَها القذى ... لكثرةِ نيرانٍ وظلماءِ حندسِ

وكائنْ رآها القلبُ أمَّ غزيِّلٍ ... كطوقِ الفتاةِ هالكٍ عندَ منعسِ

أطاعَ لها نبتٌ مِن المردِ يانعٌ ... ظليلُ المطافِ مِن مقيلٍ ومكنسِ

وخرقٍ يخافُ الرَّكبُ أنْ ينطقوا بهِ ... قطعتُ بفتلاءِ الذِّراعينِ عرمسِ

لها دولجٌ دوحٌ متى ما تنلْ بهِ ... مدى الغبِّ أوْ تربعْ بهِ الغدَ تخمسِ

يظلُّ يغنِّيهِ الحمامُ كأنَّهُ ... مآتمُ أنواحٍ لدى جنبِ مرمسِ

مروحٍ إذا جالتْ لصوتِ غضارةٍ ... منَ اللَّيلِ أو ريعتْ لنبأةِ هجرسِ

لها عجزٌ مثلُ الرِّتاجِ يزينُها ... إلى قردٍ ينْمي وليَّةَ محبسِ

وخطمٌ كبرطيلِ القيونِ ومشفرٌ ... خريعٌ كنعلِ السُّندسيّ ابن أقوسِ

وعينٌ كمرآةِ الصَّناعِ وهامةٌ ... كجندلةِ الضَّبِّ الأصمِّ المجرّسِ

ترَى أثرَ الأنساعِ فيها كأنَّها ... مواتحُ قاعٍ ذي يبيسٍ وعضرسِ

تدقُّ الحصى بمجمراتٍ ومنسمٍ ... أصمَّ على عظمِ السُّلامى ملدَّسِ

بني أسدٍ هلْ تعلمونَ بلاءنا ... إذا كانَ يومٌ يستعانُ بأنفُسِ

قراعَ عدوٍّ أوْ دفاعَ عظيمةٍ ... إذا احتُضرتْ يعطى لها كلُّ منفسِ

لمختبطٍ منكمْ كأنَّ ثيابهُ ... نبشنَ لحولٍ أو ثيابِ مقدِّسِ

لهُ ولدةٌ سفعُ الوجوهِ كأنَّهمْ ... إذا اقتربوا منهُ جراءَ مقرقسِ

قطيفتهُ هدمٌ ومأواهُ غبَّةٌ ... إلى ولدةٍ دبرِ الحراقفِ بؤَّسِ

هنأناهنُ حتَّى تنادَوا لحالهمْ ... بمعتلجٍ كأنَّهُ لونُ سندسِ

ترَى زهرَ الحوذانِ حولَ رياضهِ ... يضيءُ كلونِ الأتحميِّ المورَّسِ

ومعتركٍ ضنكٍ بهِ قصدُ القنا ... شهدْنا فلمْ نعجزْ ولم نتدلَّسِ

وكأنَّ مجر الخيلِ أرسانَها بهِ ... مساقطُ أرماحِ القنا في معرَّسِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015