أقمنا لهمْ فيها سنابكَ خيلنا ... بضربٍ يفضُّ الدّارعينَ مُنكِّلِ

إلى اللَّيلِ حتَّى ما ترى غيرَ مسلمٍ ... قتيلٍ ومجموعِ اليدينِ مسلسلِ

ونحنُ قتلنا الأجدلينِ ومالكاً ... أبا منذرٍ والجمعُ لم يتزيَّلِ

وقُرصاً أزالتهُ الرِّماحُ كأنَّما ... ترامتْ به من حالقٍ فوقَ مهبلِ

وحُجراً قتلَنا عُنوةً فكأنَّما ... هوى من حفافيْ صعبةِ المتنزِّلِ

فما أفلحتْ في الغزوِ كندةُ بعدها ... ولا أدركوا مثقالَ حبَّةِ خردلِ

سوى كلماتٍ من أغانيِّ شاعرٍ ... وقتلى تمنَّى قتلها لم تُقتَّلِ

ونحنُ قتلنا بالفراتِ وجزعهِ ... عديّاً فلمْ يكسر به عودُ حرملِ

فلم أرَ حيّاً مثلهمْ حينَ أقبلوا ... ولمْ أرَ حيّاً مثلنا أهلَ منزلِ

فقُلنا أقيموا إنَّهُ يومَ مأقطٍ ... قسيٌّ تبذُّ المُقرفينَ معضَّلِ

بأيديهمِ هنديَّةٌ تختلي الطُّلى ... كما فضَّ جاني حنظلٍ نضرَ حنظلِ

بكلِّ فتًى يعصى بكلِّ مهنَّدٍ ... ندٍ غير مِبطان العشيّاتِ عثجلِ

كعجلِ الهجانِ الأدمِ ليسَ برمَّحٍ ... ولا شنجٍ كزِّ الأناملِ زمَّلِ

ومن لا تكنْ عاديَّةٌ يُهتدى بها ... لوالدهِ يُفخرْ عليه ويُفسلِ

عززنا فما للمجدِ من متحوِّلٍ ... سوى أهلهِ من آخرينَ وأوَّلِ

وقد علمتْ عُليا معدٍّ بأنَّنا ... على الهولِ أهلُ الرّاكبِ المتغلغلِ

وقال عمرو بن شأسٍ:

تذكَّر حبَّ ليلى لاتَ حينا ... وأمسى الشَّيبُ قد قطعَ القرينا

تذكَّر حبُّها لا الدَّهرُ فانٍ ... ولا الحاجاتُ من ليلى قُضينا

وكانتْ نفسهُ فيها نفوساً ... إذا لاقيتها لا يشتفينا

وقد أبدتْ لهُ لو كان يصحو ... عشيَّةَ عاقلٍ صرماً مُبينا

فإنْ صارمتني أو كان كونٌ ... وأجدرْ بالحوادثِ أن تكونا

فلا تُمنيْ بمطروقٍ إذا ما ... سرى في القومِ أصبحَ مُستكينا

يُطيعُ ولا يطاعُ ولا يبالي ... أغثّاً كانَ حظُّكَ أم سمينا

ويُضحي في فنائكَ مُجلخدّاً ... كما ألقيتَ بالمتنِ الوضينا

إذا اشتدَّ الشِّتاءُ على أُناسٍ ... فلا قدحاً يدرُّ ولا لبونا

أبلِّي إن بللتِ بأرْيحيٍّ ... من الشُّبّانِ لا يُضحي بطينا

يؤمُّ مخارماً بالقومِ قصداً ... وهنَّ لغيرهِ لا يبتغينا

وخلتُ ظعائناً من آل ليلى ... بجنبِ عُنيزةٍ أُصلاً سفينا

جآجئها تشقُّ اللُّجَّ عنها ... ويبدي ماؤها خشباً دهينا

يؤمُّ بها الحداةُ مياهَ نخلٍ ... ويُبدينَ المحاجرَ والعيونا

ظعائنُ لم يقمنَ إلى سبابٍ ... ولم يعلمنَ من أهلٍ مهينا

إذا وضعتْ برودَ العصبِ عنها ... حسبتَ كشوحها ريطاً مصونا

فإنّا ليلُ مذْ برئَ اللَّيالي ... بُرينا من سراةِ بني أبينا

فلا وأبيكِ ما ينفكُّ منّا ... من السّاداتِ حظٌّ ما بقينا

ونحنُ إذا يريحُ اللَّيلُ أمراً ... يهمُّ النّاسَ عصمةَ من يلينا

ونعمَ فوارسُ الهيجا إذا ما ... رأينا الخيلَ ممسكةً عزينا

ومُرقصةٍ منعناها إذا ما ... رأتْ دونَ المحافظةِ اليقينا

يذكِّرها إذا وهلتْ بنيها ... ونحميها كما نحمي بنينا

إذا افترشَ العواليَ بالعوالي ... وكان القومُ في الأبدانِ جونا

وقد علمتْ بنو أسدٍ بأنّا ... نُطاعنُ بالرِّماحِ إذا لُقينا

وقال عمرو بن شأسٍ:

أتعرفُ منزلاً من آلِ ليلى ... أبى بالثَّعلبيَّةِ أن يريما

أربَّ بها من الأرواحِ سافٍ ... فغيَّرنَ المنازلَ والرُّسوما

فردَّا فيهِ طرفكُما تُبينا ... لليلى منزلاً أقوى قديما

بواقيَ أبصرٍ ورمادَ دارٍ ... وسعفاً في مناكبها جُثوما

وقد تغنى بها ليلى زماناً ... عروباً تونقُ المرءَ الحليما

لياليَ تستبيكَ بجيدِ ريمٍ ... وعينيْ جؤذرٍ يقرُو الصَّريما

وأنفٍ مثلِ عرقِ السَّامِ حرٍّ ... وتسمعُ منطقاً منها رخيما

برَهرهةٌ يحارُ الطَّرفُ فيها ... وتُبدي واضحاً فخماً وسيما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015