ولستُ ابنةَ الضّمريّ منكِ بناقمٍ ... ذنوبَ العدى إنّي إذن لظلومُ

وإنِّي لذُو وجدٍ لئنْ عادَ وصلُها ... وإنِّي على ربّي إذنْ لكرِيمُ

إذا برقتْ نحو البُويبِ سحابَةٌ ... لعينيكَ منها لا تجفُّ سجُومُ

ولستُ براءٍ نحو مصرَ سحابةٌ ... وإن بعدَتِ إلاَّ قعدتُّ أشيمُ

فقدْ يوجدُ النّكسُ الدّنيُّ عنِ الهوَى ... عزُوماً ويصبُو المرءُ وهوَ كريمُ

وقالَ خليلي ما لها إذ لقيتها ... غداةَ الشَّبا فيها عليكَ وجومُ

فقلتُ لهُ إنَّ المودَّةَ بيننا ... على غيرَ فحشٍ والصّفاءُ قديمُ

وإنِّي وإنْ أعرضتُ عنها تجلُّداً ... على العهدِ فيما بيننا لمقيمُ

وإنَّ زماناً فرّقَ الدَّهرُ بيننا ... وبينكُمُ في صرفِهِ لمشُومُ

أفي الدِّينِ هذا إنَّ قلبَكِ سالمٌ ... صحيحٌ وقلبي من هواكِ سقيمُ

وإنَّ بخوفي منكِ داءً مخامراً ... وخوفُكِ ممّا بي عليكِ سليمُ

لعمُركِ ما أنصفتني في مودَّتِي ... ولكنّني يا عزَّ عنكِ حلِيمُ

عليَّ دماءُ البدنِ إنْ كانَ حبُّها ... على النّأي أو طولُ الزَّمانِ يريمُ

وأقسمُ ما استبدلتُ بعدَكِ خلُّةً ... ولا لكِ عندي في الفؤادِ قسيمُ

وقال كثير يمدح يزيد بن عبد الملك:

لعزّةَ أطلالٌ أبتْ أنْ تكلَّما ... تهيجُ مغانيها الطَّروبَ المتيّما

كأنَّ الرّياحَ الذّارياتِ عشِيَّةً ... بأطلالِها ينسُجنَ ريطاً مسَهَّما

أبتْ وأبَى وجدِي بعزَّةَ إذْ نأتْ ... على عدواءِ الدّارِ أنْ تيصرَّما

ولكنْ سقَى صوبُ الرَّبيعِ إذا أتى ... على قلهيَّ الدّارِ والمتَخيَّما

بغادٍ منَ الوسمِيِّ لمّا تصوَّبتْ ... عثانينُ واديهِ على القعرِ ديَّما

سقَى الكُدْرَ فاللّعباءَ فالبُرقَ فالحمىَ ... فلوذَ الحصى منْ تغلمينِ فأظلما

فأروَى جنُوب الدّونكين فضاجعٍ ... فدرٍّ فأبلَى صادقَ الودقِ أسحما

تثجُّ رواياه إذا الرَّعدُ زجَّها ... بشابةَ فالقهبِ المزادَ المحذلِما

فأصبحَ منْ يرعَى الحمَى وجنوبَهُ ... بذِي أفقٍ مكّاؤهُ قد ترنَّما

ديارٌ عفتْ من عزَّةَ الصَّيفَ بعدما ... تجدُّ عليهنُّ الوشيعَ المنمنما

فإنْ أنجدتْ كان الهوى بكَ منجداً ... وإنْ أتهمتْ يوماً بها الدّارُ أتْهما

أجدَّ الصِّبا واللِّهو أنْ يتصرَّما ... وأن يعقِباكَ الشَّيبَ والحلمَ منهُما

لبستُ الصّبا واللهوَ حتّى إذا اتقضى ... جديدُ الصّبا واللهوِ أعرضتُ عنهُما

خليليَّ كانا صاحبيكَ فودَّعا ... فخذْ منهما ما نوَّلاكَ ودَعهُما

على إنَّ في قلبي لعزَّةَ وقرَةً ... منَ الحبِّ ما تزدادُ إلاَّ تيمُّما

يطالبُها مستَيقِناً لا تثيبُهُ ... ولكنْ يسلِّي النَّفسَ كي لا يلوَّما

يهابُ الّذي لم يؤتَ حلماً كلامَها ... وإنْ كانَ ذا حلمٍ لديها تحلّما

تروكٌ لسقطِ القولِ لا يهتدِي بهِ ... ولا هيَ تستوشِي الحديثَ المكتَّما

ويحسَبُ نسوانٌ لهنَّ وسيلةً ... من الحبِّ لا بلْ حبُّها كانَ أقدَما

وعلّقتُها وسطَ الجواري غريرةً ... وما قلّدتْ إلاّ التَّميمَ المُنظّما

عيوفُ القذَى تأبَى فلا تعرفُ الخنَا ... وترمِي بعينيها إلى منْ تكرَّما

إلى أنْ دعتْ بالدِّرعِ قبلَ لداتها ... وعادتْ تُرى منهنَّ أبهَى وأفخَما

وغالَ فضولَ الدّرعِ ذي العرضِ خلقُها ... وأتعبَتِ الحجلَينِ حتّى تقصّما

وكظّتْ سوارَيها فلا يألوانِها ... لدنْ جاورا الكفّينِ أنْ يتقدَّما

وتدْنِي على المتنينِ وحفاً كأنَّه ... عناقيدُ كرمٍ قد تدلّى فأنْعما

منَ الهيفِ لا تخزَى إذا الرِّيحُ الصقتْ ... على متنها ذا الطُّرّتينِ المنمنما

وكنتُ إذا ما جئتُها بعدَ هجرةٍ ... تقاصرَ يومئذٍ نهارِي وأغْيما

فأقسمتُ لا أنسَى لعزَّةَ نظرةً ... لها كدتُ أبدي الوجدَ منّي المجمجما

عشيّةَ أومَتْ والعيونُ حواضرٌ ... إليَّ برجعِ الكفِّ أنْ لا تكلَّما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015