إذا قلقت شدَدتُ لها سنافاً ... أمامَ الزّور من قلقِ الوضينِ
كأنّ مواقعَ الثَّفناتِ منها ... معرَّسُ باكراتِ الوردِ جونِ
يجدُّ تنفُّسُ الصُّعداء منها ... قوى النّسعِ المحرَّم ذي المُتُونِ
تصكُّ الجانبينِ بمشفتِرٍّ ... له صوتٌ أبحُّ منَ الرَّنينِ
كأنَّ نفيَّ ما تنفِي يداها ... قذافُ غريبةٍ بيدي معينِ
تشدُّ بدائمِ الخطرانِ جثلٍ ... خوايةَ فرجِ مقلاتٍ دهينِ
وتسمعُ للذّبابِ إذا تغنّى ... كتَغريدِ الحمامِ على الغصونِ
فألقيتُ الزّمامَ لها فنامَتْ ... لعادتِها منَ السّدَفِ المبين
كأن مناخها ملُقى لحام ... على معزائها وعلى الوجينِ
كأنَّ الكورَ والأنساعَ منها ... على قرواء ماهرةٍ دهينِ
يشقًّ الماءَ جؤجؤُها ويعلُو ... غواربَ كلِّ ذي حدبٍ بطينِ
غدتْ قوداءَ منشقّاً نساها ... تجاسرُ بالنّخاعِ وبالوتِينِ
إذا ما قمتُ أرحلُها بليلٍ ... تأوَّهُ آهةَ الرَّجلِ الحزينِ
تقولُ إذا درأتُ لها وضيني ... أهذا دينُهُ أبداً وديني
أكلَّ الدَّهرِ حلٌّ وارتحالٌ ... أما يبقي عليَّ ولا يقيني
فأبقى باطلي والحدُّ منها ... كدُكان الدّرابنة المطينِ
ثنيتُ زمامَها ووضعتُ رحلِي ... ونمرُقَةً رفدتُ بها يمينِي
فرحتُ بها تعارض مسبطرّاً ... على ضحضاحهِ وعلى المُتونِ
إلى عمرو ومن عمْرٍو أتتنِي ... أخي النّجداتِ والحلمِ الرَّصينِ
فأمّا أن تكونَ أخي بحقٍّ ... فأعرفَ منكَ غثّي من سميني
وإلاَّ فاطرحِني واتّخذني ... عدُوّاً أتّقيكَ وتتَّقيني
وما أدري إذا وجّهت وجهاً ... أريدُ الخيرَ أيُّهُما يليني
أألخيرُ الّذي أنا أبتَغيهِ ... أم الشّرُّ الذي هو يبتغينِي
وقال المثقب أيضاً: الرمل
لا تقولَنَّ إذا ما لم تردْ ... أنْ تتمَّ الوعدَ في شيءٍ نعمْ
حسنٌ قولُ نعمْ من بعدِ لا ... وقبحٌ قولُ لا بعدَ نعمْ
إنَّ لا بعدَ نعمْ فاحشَةٌ ... فبلا فابدأْ إذا خفتَ النّدمْ
فإذا قلتْ نعمْ فاصبر لها ... بنجاحِ الوعدِ إنّ الخلفَ ذمْ
واعلم أنَّ الذَّم نقصٌ للفتى ... ومتى لا يتقِِ الذمَّ يذُمْ
أكرمُ الجارَ وأرعَى حقّه ... إنَّ عرفانَ الفتى الحقَّ كرمْ
لا تراني راتعاً في مجلِسٍ ... في لحُومِ النَّاسِ كالسَّبعِ الضَّرِمْ
إنَّ شرَّ النّاسِ من يكشرُ لي ... حينَ يلقانِي وإنْ غبتُ شتمْ
وكلامٍ سيِّئٍ قد وقرَتْ ... أذني عنهُ وما بِي مِن صممْ
فتصبّرتُ امتعاضاً أنْ يرَى ... جاهلٌ أنِّي كما كانَ زعمْ
ولبعضُ الصَّفحِ والإعراضِ عنْ ... ذي الخنا أبقى وإنْ كان ظلمْ
إنَّما جادَ بشأسٍ خالدٌ ... بعدما حاقتْ به إحدى الظُلَمْ
من منايا يتخاسيْنَ بهِ ... يبتدرْنَ الشّخصَ من لحمٍ ودمْ
مترعُ الجفنةِ ربعِيُّ النَّدَى ... حسنٌ مجلِسُهُ غيرُ لطَمْ
يجعلُ الهنْءَ عطايا جمَّةً ... إنَّ بعضَ المالِ في العرضِ أمَمْ
لا يبالي طيِّبَ النَّفسِ بهِ ... تلفَ المالِ إذا العرْضُ سلِمْ
وقال الحارث بن ظالم المرّي في قتل خالد بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر ابن صعصعة حين قتله وهرب، وهي مفضلية، وقرأتها على شيخي أبي محمد؟
نأتْ سلمَى وأمسَتْ في عدُوِّ ... تحُتُّ إليهمُ القلُص الصعِّايا
وحلَّ النَّعفَ من قنَوين أهْلِي ... وحلَّت روضَ بيشةَ فالرَّبابا
وقطَّعَ وصلَها سيفِي وأنِّي ... فجعْتُ بخالدٍ عمْداً كلابا
وأنَّ الأحوصين تولَّياها ... وقد غضِبا عليَّ فما أصابا
على عمْدٍ كسَوتُهُما قبُوحاً ... كما أكسُو نساءَهُمُ السِّلابا
وأنّي يومَ غمرةَ غيرَ فخرٍ ... تركتُ النَّهبَ والأسرَى الرّغابا
فلستُ بشاتمٍ أبداً قريشاً ... مصيباً رغمُ ذلكَ منْ أصابا
فما قومي بثعلبةَ بنِ سعدٍ ... ولا بفزارةَ الشُّعرَى رقابا