وقومِي إن سألتِ بنُو لؤَيٍّ ... بمكّةَ علَّمُوا النّاسَ الضِّرابا
سفِهنا باتّباعِ بني بغيضٍ ... وتركِ الأقربينَ بنا انتسابا
سفاهةَ فارطٍ لمّا تروَّى ... هراقَ الماءَ واتَّبَعَ السَّرابا
لعمرُكَ إنَّني لأحِبٌّ كعْباً ... وسامةَ إخوتِي حبِّي الشَّرابا
فما غطفانُ لي بأبٍ ولكنْ ... لؤيٌّ والدي قولاً صوابا
فلمّا أن رأيتُ بني لؤيٌّ ... عرفتُ الودَّ والنَّسبَ القُرابا
رفعتُ الرُّمحَ إذْ قالوا قريشٌ ... وشبَّهتُ الشَّمائِلُ والقبابا
صحبتُ شظيَّةً منهمُ بنَجدٍ ... تكونُ لمنْ يحاربهُمْ عذابا
وحشَّ رواحةُ الجُمحِيُّ رحلِي ... بناقتِهِ ولم ينظُرْ ثوابا
فيا للهِ لمْ أكسِبْ أثاماً ... ولم أهتكْ لذي رحمٍ حجابا
أقامُوا للكتائبِ كلَّ يومٍ ... سيوفَ المشرفيَّةِ والحِرابا
فلو أنِّي أشاءُ لكنْتُ منهمْ ... وما سيَّرْتُ أتَّبِعُ السَّحابا
ولا قظْتُ الشّرّبةَ كلَّ يومٍ ... أعدِّي عن مياههمِ الذُّبابا
مياهاً ملحةً بمبيتِ سوءٍ ... تبيتُ سقابُهم صردَى سغابا
كأنَّ التّاجَ معقودٌ عليهمْ ... إذا وردتْ لقاحُهُمُ شِزابا
وقال عامر الخصفيّ بن محارب يردّ على ابن الحمام، وهي مفضلية؟
من مبلغٌ سعدَ بن ذبيانَ مالكاً ... وسعدَ بن ذبيانَ الّذي قد تختَّما
فريقيْ بَنِي ذبيانَ إذ زاغَ رأيُهُمْ ... وإذ أطعِمُوا صاباً علينا وشًبرُما
جنيتُمْ علينا الحربَ ثمَّ ضجعتُمُ ... إلى السِّلمِ لمّا أصبَحَ الأمرُ مبْهما
فما إنْ شهدْنا خمرَكُمْ إذ شرِبْتُمُ ... على دهشٍ واللهِ شربَةَ أشْأما
وما إنْ جعَلنا غايتَيْكُمْ بهضبةٍ ... يظلُّ بها الغفرُ الرَّجيل مخطَّما
وما إن جعلنا بالمضيق رجالنا ... فقلنا ليرْمِ الخيلَ منْ كانَ أحزما
ويومٍ يودُّ المرءُ لو ماتَ قبلَهُ ... ربطنا له جأشاً وإنْ كانَ معْظَما
دَعونا بَني ذهلٍ إليهِ وقومَنا ... بني عامرٍ إذ لا ترَى الشَّمسُ منجَما
ويومَ زجيحٍ صبَّحتْ جمعَ طيِّئٍ ... عناجيجَ يحملنَ الوشيجَ المُقوَّما
نراوحُ بالقلعِ الأصمِّ رؤوسهم ... إذا القلعُ الرُّوميُّ عنها تثلَّما
وإنّا لنثنِي الخيلَ قبّاً شوازِباً ... على الثَّغرِ يغشيها الكمِيَّ المكلَّما
ونضربُها حتَّى نحلِّلَ نفرَها ... وتخرُجَ ممّا تكرَهُ النّفسُ مقدَما
أثعلبَ لولا ما تدعَّونَ بينَنا ... من الحلفِ قد سدَّى بعقدٍ وألحما
لقدْ لقيتْ شولٌ بجنبَيْ بوانةٍ ... نصيّاً كأعرافِ الكوادنِ أسحما
فأبقتْ لنا آباؤهُم من تراثهمْ ... دعائمَ مجدٍ كانَ في النَّاس معلَما
ونرسِي إلى جرثومةٍ أدركتْ لنا ... حديثاً وعاديّاً من المجدِ خضرِما
بني منْ بنى منهمْ بناءً فمكّنوا ... مكاناً لنا منهُ رفيعاً وسلّما
أولئكَ قومي إنْ يلُذْ ببيوتِهِمْ ... أخُو حدثٍ يوماً فلنْ يتهضَّما
وكم فيهمُ من سيِّدٍ ذي مهابَةٍ ... يهابُ إذا ما رائدُ الحربِ أضرَما
لنا العزَّةُ القعساءُ نختطمُ العدَى ... بها ثمَّ نستعصي بها أن نخطَّما
همُ يطدُونَ الأرضَ لولاهمُ ارتمتْ ... بمن فوقَها من ذي بيانٍ وأعجَما
وهم يدعمُونَ القومَ في كلِّ موطنٍ ... بكلِّ خطيبٍ يتركُ القومُ كظَّما
نقومُ فلا يعيْا الكلامَ خطيبُنا ... إذا الكربُ أنسَى الجبْسَ ما قدْ تعلّما
وكنّا نجوماً كلّما انقضَّ كوكبٌ ... بدا أزهرٌ منهنَّ ليسَ بأقتَما
بدا زاهِرٌ منهنَّ تأوي نجومُهُ ... إليهِ إذا مسْتأسِدُ الشّرِّ أظلَما
ألا أيّها المستخبِرِي ما سألتنِي ... بأيّامنا في الحربِ إلاَّ لتعلَما
فما يستطيعُ الناسَ عقداً نشدُّهُ ... وننقضُهُ منهُمْ وإنْ كانَ مبرَما
يغنّي حصيْنٌ بالحجازِ بناتِهِ ... وأعيا عليهِ الفخرُ إلاَّ تهكُّما
وإنَّا لنشفِي صورةَ التَّيسِ مثلَهُ ... ونضرِبُه حتَّى نبُلَّ استَهُ دَما