فلو أنَّها من قبلُ دامت لبانةً ... على العهدِ إذ تصطادُنِي وأصيدُها

ولكنّها ممّا يميط بودّه ... بشاشة أدنَى خلّةٍ يستفيدُها

أجدّك ما يدريكَ أنْ ربَّ بلدَةٍ ... إذا الشّمسُ في الأيّام طالَ ركودُها

وصاحت صواديحُ النّهارِ وأعرضتْ ... لوامعُ يُطوَى ريطُها وبُرودُها

قطعتُ بفتلاءِ اليدْينِ ذريعَةٍ ... يغولُ البلاد سومُها وبرِيدُها

فبتُّ وباتَتْ كالنَّعامَةٍ ناقتِي ... وباتَت عليها صفنَتي وقتودُها

وأغضَبْ كما أغضَيتُ عيني فعرسَتْ ... على الثَّفناتِ والجرانِ هجودُها

على طرُقٍ عندُ الأراكَةِ ربَّةٍ ... توازِي شريمَ البحرِ وهوَ قعيدُها

كأنَّ جنيباً عندَ معقدِ غرزِها ... تحاولهُ عن نفسِهِ ويرِيدُها

تهالكَ منهُ في الرَّخاءِ تهالُكاً ... تهالُكَ إحدى الجونِ حانَ ورودُها

فنهنَهْتُ منها والمناسِمُ ترتمي ... بمعزاءَ شتىً لا يُرَدُّ عنودُها

وأيقنتُ إن شاءَ الإلهُ فإنَّهُ ... سيبلغني أجلادُها وقصيدُها

فإنَّ أبا قابوسَ عندِي بلاؤُهُ ... جزاءً بنعمىَ لا يحلُّ كنودُها

رأيتُ زنادَ الصّالحينَ نمينَهُ ... قدْيماً كما بذَّ النجومَ سعودُها

ولو علمَ اللهُ الجبالَ عصينَه ... لجاءَ بأمراسِ الجبالِ يقودُها

فإن تكُ منّا في عمانَ قبيلةٌ ... تواصتْ بأجنابٍ وطالَ عنودُها

فقدْ أدركتها الحادثاتُ فأصبحَتْ ... إلى خير من تحتَ السمّاء وفودُها

إلى ملكٍ بذَّ الملوكَ فلمْ تسَع ... أفاعيلَهُ حزمُ المُلوكِ وجودُها

وأيُّ أناسٍ لا أباحَ بغارةٍ ... يوازي كبيداتِ السّماءِ عمودُها

وجأواءَ فيها كوكبُ الموتِ فخمةٍ ... تقمِّصُ بالأرضِ الفضاءِ وثيدُها

لها فرطٌ يحمي النّهابَ كأنَّهُ ... لوامعُ عقبانٍ يروعٌ طريدُها

وأمكن أطرافَ الأسنَّةِ والقَنا ... يعاسيبُ قودٌ كالشِّنان خدودُها

تنبَّعَ من أعضادها وجلُودِها ... حميماً وآضتْ كالحماليجِ سودُها

وطارَ قشاريُّ الحديدِ كأنَّهُ ... نخالةُ أقواعٍ يطيرُ حصيدُها

بكلِّ مقصّيٍّ ولكِّ صفيحةٍ ... تتابعَ بعدَ الحارِشيِّ خدودُها

فأنعم أبيتَ اللَّعنَ إنّك أصبحتْ ... لديكَ لكيزٌ كَهلُها ووليدُها

وأطلقهُمُ تمشِي النّساءُ خلالهُمْ ... مفكّكةً وسطَ الرِّحالِ قيودُها

وقال المثقب أيضاً، وهي مفضلية قرأتها على شيخي أبي محمد بن الخشاب:

أفاطمَ قبلَ بينكِ متّعيني ... ومنعُكِ كما سألْتُ كأنْ تبيني

فلا تعدي مواعدَ كاذباتٍ ... تمرُّ بها رياحُ الصّيفِ دونِي

فإنّي لو تخالفُنِي شمالي ... لما أتبَعتُها أبداً يميني

لمَن ظعنٌ تطالِعُ منْ صبيبٍ ... فما خرجَتْ من الوادِي لحينِ

مررْنَ على شرافِ فذاتِ رجلٍ ... ونكّبنَ الذَّرانحَ باليمين

وهنَّ كذاكَ حينَ قطعنَ فلجاً ... كأنَّ حمولهُنَّ على سفينِ

يشَبَّهنَ السَّفينَ وهنَّ بُخْتٌ ... عراضاتُ الأباهرِ والشّؤونِ

وهنَّ على الرّجائز واكناتٌ ... قواتلُ كلِّ أشجعَ مستكينِ

كغزلانٍ خذَلنَ بذاتِ ضألٍ ... تنوشُ الدّانياتِ من الغضونِ

ظهرنَ بكلّةٍ وسدلنَ رقماً ... وثقّبنَ الوصاوصَ للعيونِ

أرينَ محاسناً وكننَّ أخرى ... من الدِّبياجِ والبشرِ المصونِ

ومن ذهبٍ يلوحُ على تريبٍ ... كلونِ العاجِ ليسَ بذي غضونِ

وهنَّ على الظّلامِ مطلّباتٌ ... طويلاتُ الّذوائبِ والقرونِ

بتهليةٍ أريشُ بها سهامي ... تبذُّ المرشقاتِ من القطين

علونَ رباوةً وهبطنَ غيباً ... فلمْ يرجعنَ قائلةً لحِينِ

فقلتُ لبعضهنَّ وشدَّ رحلِي ... لهاجرَةٍ نصبتُ لها جبينِي

لعلَّكِ إنْ صرَمتِ الحبْلَ منّي ... كذاكَ أكونُ مصحِبَتي قروني

فسلِّ الهمَّ عنكَ بذاتِ لوثٍ ... عذافرَةٍ كمطرقةِ القيونِ

بصادقَةِ الوجيفِ كأنَّ هِرّاً ... يباريها ويأخُذُ بالوَضينِ

كسَاها تامكاً قِرداً عليها ... سوادِيُّ الرَّضيخِ من اللّجين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015