سبتني بعينى جؤذرٍ بخميلةٍ ... وجيدٍ كجيدِ الرئم زينهُ النظمُ
ووحفٍ يثنى في العقاصِ كأنهُ ... عليها إذا دنت غدايرهُ كرمُ
وأقنى كحدِ السيفِ يشرفُ قبلها ... وأشنبَ رفافِ الثنايا لهُ ظلمُ
لها كفلٌ رابٍ وساقٌ عميمةٌ ... وكعبٌ علاهُ النحضُ ليسَ لهُ حجمُ
تصيدُ ألبابَ الرجالِ بأنسها ... ويقتلهم منها التدللُ والنعمُ
لباخيةٌ عجزاءُ جمٌّ عظامها ... نمت في نعيمٍ واتمهلَّ بها الجسمُ
توالدها بيضٌ حرايرُ كالدمى ... نواعمُ لا سودٌ قصارٌ ولا خثمُ
وأجدادُ صدقٍ لا يعابُ فعالهم ... همُ النضدُ السرُّ الغطارفةُ الشمُ
مطاعيمُ في البؤسى لمن يعتريهم ... إذا يشتكى في العامِ ذي السنةِ الأزمُ
مصاليتُ أبطالٌ إذا الحربُ شمرت ... بأمثالهم يومَ الوغى يكشفُ الهمُ
إذا انتسبت مدت يديها إلى العلى ... وصدقها الإسلامُ والحسبُ الضخمُ
كأني إذا لم ألقَ نعماً مجاورٌ ... قبائلَ من ياجوج من دونها الردمُ
وذي رحمٍ قلمتُ أظفارَ ضغنهِ ... بحلمي عنهُ وهو ليسَ لهُ حلمُ
يحاولُ رغمي لا يحاولُ غيرهُ ... وكالموتِ عندي أن يعزى بهِ الرغمُ
فإن أعفُ عنهُ أغضِ عيناً على قذىً ... وليسَ لهُ بالصفحِ عن ذنبهِ علمُ
وإن أنتصر منهُ أكنُ مثلَ رائشٍ ... سهامَ عدوِّ يستهاضُ بها العظمُ
صبرتُ على ما كانَ بيني وبينهُ ... وما يستوي حربُ الأقارب والسلمُ
ويشتمُ عرضي في المغيب جاهداً ... فليسَ لهُ عندي هوانُ ولا شتمُ
إذا سمته وصلَ القرابةِ سامني ... قطيعتها تلكَ السفاهةُ والإثمُ
وإن أدعهُ للنصفِ يأبى ويعصني ... ويدعُ لحكمٍ جائرٍ غيرهُ الحكمُ
وقد كنتُ أكوي الكاشحينَ وأشتفي ... وأقطعُ قطعاً ليسَ ينفعهُ الحذمُ
فلولا اتقاءُ اللهِ والرحمُ التي ... رعايتها حقُّ وتعطيلها ظلمُ
إذن لعلاهُ منصلي أو خطمتهُ ... بوسمٍ شنارٍ لا يشابههُ وسمُ
ويسعى إذا أبني ليهدمَ صالحي ... وليسَ الذي يبني كمن شأنهُ الهدمُ
يودُّ لو أني معدمٌ ذو خصاصةٍ ... وأكرهُ جهدي أن يخالطهُ عدمُ
ويعتدُّ غنماً للحوادثِ نكبتي ... وما إن لهُ فيها سناءٌ ولا غنمُ
أكونُ لهُ إن ينكب الدهرُ مدرهاً ... أكالبُ عنهُ الخصمَ إذا عضهُ الخصمُ
وألجمُ عنهُ كلَّ أبلخَ طامحٍ ... ألدَّ شديدِ الشغبِ غايتهُ الغشمُ
ويشركهُ في مالهِ بعدَ ودهِ ... على الوجدِ والإعدامِ قسمٌ هو القسمُ
بكفِّ مفيدٍ يكسبُ الحمدَ بالندى ... ويعلمُ أنَّ البخلَ يعقبهُ الذمُ
نجيبٌ يجيبُ المستغيثَ إذا دعا ... ويسمو إلى كسبِ العلاءِ إذا يسمو
فتىً لا يبيتُ الهمُّ يقدعُ قلبهُ ... كذي الهمِّ والهيابُ يفزعهُ الهمُ
إذا همَّ أمضى همهُ غيرَ متعبٍ ... ويفرجُ عنهُ الشكُّ في أمرهِ العزمُ
أخو ثقةٍ جلدُ القوى ذو مخارجٍ ... مخالط حزمٍ حينَ يلتمسُ الحزمُ
يكونُ لهُ عندَ النوائبِ جنةً ... ومعقلَ عزَّ حيثُ تمتنعُ العصمُ
فما زلتُ في ليني لهُ وتعطفي ... عليهِ كما تحنو على الولدِ الأمُ
وقولي إذا أخشى عليهِ مصيبةً ... ألا اسلم فذاكَ الخالُ ذو العقدِ والعمُ
وصبري على أشياءَ منهُ تريبني ... وكظمي على غيظي وقد ينفعُ الكظمُ
لأستلَّ منهُ الضغنَ حتى سللته ... وقد كانَ ذا حقدٍ يضيقُ بهِ الجرمُ
دفنتُ انثلاماً بيننا فرقعتهُ ... برفقي وتأليفي وقد يرقعُ الثلمُ
وأبرأتُ غلَّ الصدرِ منهُ توسعاً ... بحلمي كما يشفى بالآدويةِ الكلمُ
وأطفأتُ نارَ الحربِ بيني وبينهُ ... فأصبحَ بعدَ الحرب وهو لنا سلمُ
وقال المثقب العبدي، واسمه عائذ بن محصن بن ثعلبة بن وائلة بن عدي بن حرب بن دهن بن عذرة بن منبّه بن نكرة بن لكبز بن أفصى بن عبد القيس. وهي مفضلية، وقرأتها علي شيخي أبي محمد بن الخشاب في جملة المفضليات، وفي ديوانه:
ألا إنَّ هنداً أمسِ رثَّ جديدُها ... وضنّتْ وما كانَ المَتاعُ يؤودُها