تسوقُ صريمٌ شاءها من جلاجلٍ ... إليَّ ودوني ذاتُ كهفٍ وقورها

إذا قيلتِ العوراءُ وليتُ سمعها ... سواي ولم أسأل بها ما دبيرها

فماذا نقمتم من بنينَ وسادةٍ ... بريءٍ لكم من كلِّ غمرٍ صدورها

همُ رفعوكم بالسماءِ فكدتمُ ... تنالونها لو أنَّ حياً يطورها

ملوكٌ على أنَّ التحيةَ سوقةٌ ... ألاياهمُ يوفى بها ونزورها

فإلاَّ يكن مني ابنُ زحرٍ ورهطهُ ... فمني رياحٌ عرفها ونكيرها

وكعبٌ فإني لابنها وحليفها ... وناصرها حيثُ استمرَّ مريرها

لعمري لقد أشرفتُ يومَ عنيزةٍ ... على رغبةٍ لو شدَّ نفساً ضميرها

ولكنَّ هلكَ المرءِ ألاَّ تمرهُ ... ولا خيرَ في ذي مرةٍ لا يغيرها

الأخنس بن شهاب

وقال الأخنس بن شهاب التغلبي، وهي مفضلية قرأتها على شيخي ابن الخشاب حفظاً:

لابنةِ حطانَ بنِ عوفٍ منازلٌ ... كما رقشَ العنوانَ في الرقِّ كاتبُ

ظللتُ بها أعرى وأشعرُ سخنةً ... كما اعتادَ محموماً بخيبرَ صالبُ

تظلُّ بها ربدُ النعامَ كأنها ... إماءٌ تزجى بالعشيِّ حواطبُ

خليليَّ هوجاءُ النجاءِ شملةٌ ... وذو شطبٍ لا يجتويهِ المصاحبُ

وقد عشتُ دهراً والغواةُ صحابتي ... أولئكَ خلصاني الذينَ أصاحبُ

رفيقاً لمن أعيى وقلدَ حبلهُ ... وحاذرَ جراهُ الصديقُ الأقاربُ

فأديتُ عني ما استعرتُ من الصبا ... وللمالِ مني اليومَ راعٍ وكاسبُ

لكلِّ أناسٍ من معدٍّ عمارةٍ ... عروضٌ إليها يلجؤونَ وجانبُ

لكيزٌ لها البحرانِ والسيفُ كلهُ ... وإن يأتها بأسٌ من الهندِ كاربُ

تطايرُ عن أعجازِ حوشٍ كأنها ... جهامٌ أراقَ ماءهُ فهوَ آئبُ

وبكرٌ لها برُّ العراقِ وإن تشأ ... يحل دونها من اليمامةِ حاجبُ

وصارت تميمٌ بينَ قفٍّ ورملةٍ ... لها من حبالٍ منتأى ومذاهبُ

وكلبٌ لها خبتٌ فرملةُ عالجٍ ... إلى الحرةِ الرجلاءِ حيثُ تحاربُ

وغسانُ حيٌّ عزهم في سواهمُ ... يجالدُ عنهم مقنبٌ وكتائبُ

وبهراءُ حيٌّ قد عرفنا مكانهم ... لهم شركٌ حولَ الرصافةِ لاحبُ

وغارت إيادٌ في السوادِ ودونها ... برازيقُ عجمٌ تبتغي من تضاربُ

ولخمٌ ملوكُ الناسِ يجبى إليهمُ ... إذا قالَ منهم قائلٌ فهو واجبُ

ونحنُ أناسٌ لا حجازَ بأرضنا ... مع الغيثِ ما نلقى ومن هوَ غالبُ

ترى رائداتِ الخيلِ حولَ بيوتنا ... كمعزى الحجازِ أعوزتها الزرائبُ

فيغبقنَ أحلاباً ويصبحنَ مثلها ... فهنَّ من التعداءِ قبٌّ شوازبُ

فوارسها من تغلبَ ابنةَ وائلٍ ... حماةٌ كماةٌ ليسَ فيها أشائبُ

همُ الضاربونَ الكبشَ يبرقُ بيضهُ ... على وجههِ من الدماءِ سبائبُ

بجأواءَ ينفي وردها سرعانها ... كأنَّ وضيحَ البيضِ فيها الكواكبُ

وإن قصرت أسيافنا كانَ وصلها ... خطانا إلى القومِ الذينَ نضاربُ

فللهِ قومٌ مثلُ قومي سوقةً ... إذا اجتمعت عندَ الملوكِ العصائبُ

أرى كلَّ قومٍ ينظرونَ إليهمُ ... وتقصرُ عما يفعلونَ الذوائبُ

أرى كلَّ قومٍ قاربوا قيدَ فحلهم ... ونحنُ خلعنا قيدهُ فهوَ ساربُ

معن بن أوس

وقال معن بن أوس بن نصر بن زياد بن أسحم بن ربيعة بن عدي بن ثعلبة بن ذؤيب بن سعد بن عداء بن عثمان بن مزينة:

عفا وخلا ممن عهدتُّ بهِ خمُّ ... وشاقكَ بالمسحاءِ من شرفٍ رسمُ

عفا حقباً من بعدِ ما خفَّ أهلهُ ... وحنت بهِ الأرواحُ والهطلُ السجمُ

يلوحُ وقد عفا منازلهُ البلى ... كما لاحَ فوقَ المعصمِ الخدلِ الوشمُ

مدامنُ حيٍّ صالحين رمت بهم ... نوى الشحطِ إذا ردوا الجمالَ وإذا زموا

بعينيكَ راحوا والحدوجُ كأنها ... سفاينُ أو نخلٌ مدللةٌ زعمُ

وفي الحيِّ نعمٌ قرةُ العينِ والمنى ... وأحسنُ من يمشي على قدمٍ نعمُ

وكانت لهذا القلبِ نعمُ زمانةً ... خبالاً وسقماً لا يعادلهُ سقمُ

منعمةٌ لم تغدَ في رسلِ كلبةٍ ... ولم تتجاوب حولَ كلتها البهمُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015