وأسألك لذّة النّظر إلى وجهك، والشّوق إلى لقائك، في غير ضرّاء مضرّة، ولا فتنة مضلّة.
اللهمّ؛ زيّنّا بزينة الإيمان، ...
وقيّد ببعد الموت!! لأنّ السرور الدائم لا يتيسر في الدنيا، لأنّها دار همّ وغمّ وسقم.
هي الدّنيا تقول بملء فيها ... حذار حذار من بطشي وفتكي
(وأسألك لذّة النّظر إلى وجهك) ؛ أي: الفوز بالتجلّي الذاتيّ الأبدي الذي لا حجاب بعده، ولا مستقرّ للكمّل دونه؛ وهو الكمال الحقيقيّ.
وقيّد النظر باللّذّة!! إيذانا بأنّ المسؤول هو نظر اللطف والجمال في الجنّة، لا نظر الهيبة والجلال في عرصات القيامة. (والشّوق) - بالنصب- أي: وأسألك الشوق (إلى لقائك) . قال ابن القيّم: جمع في هذا الدعاء بين أطيب ما في الدنيا؛ وهو الشوق إلى لقائه، وأطيب ما في الآخرة؛ وهو النظر إليه.
(في غير ضرّاء مضرّة) بأن لا يكون هناك ضرّاء أصلا، أو هناك ضرّاء غير مضرّة، وذلك أنّ أهل الشوق إلى اللقاء الذين هم أهل الحبّ الخالص المشاهدون لذاته تعالى؛ قد يحصل لهم حجب عن الشهود في بعض الأحيان، ثمّ يزول ويرجع لهم الشهود، فهذا الحجب ضرر، لكنه غير مضرّ لكونه يزول، فإن دام! فهو الضرر المضرّ، وبعض أهل الله لا يحصل لهم حجب أصلا؛ فضلا عن دوامه.
(ولا فتنة مضلّة) ؛ أي: موقعة في الحيرة، مفضية إلى الهلاك.
قال القونوي: الضّراء المضرّة: حصول الحجاب بعد التجلّي، والتجلّي بصفة تستلزم سدل الحجب، والفتنة المضلّة: كلّ شبهة توجب الخلل، أو تنقص في العلم والشهود.
(اللهمّ؛ زيّنّا بزينة الإيمان) ، وهي زينة الباطن، إذ لا معوّل إلّا عليها، لأنّ