وأسألك كلمة الإخلاص في الرّضا والغضب، وأسألك القصد في الفقر والغنى، وأسألك نعيما لا ينفد، وأسألك قرّة عين لا تنقطع، وأسألك الرّضا بالقضاء، وأسألك برد العيش بعد الموت، ...
إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (12) [الملك] .
(وأسألك كلمة الإخلاص) ، أي: النطق بالحقّ (في الرّضا والغضب) ، أي: في حالتي رضا الخلق منّي وغضبهم عليّ فيما أقوله؛ فلا أداهن، ولا أنافق، أو في حالتي رضاي وغضبي، بحيث لا تلجئني شدّة الغضب إلى النطق بخلاف الحقّ، ككثير من الناس إذا اشتدّ غضبه أخرجه من الحقّ إلى الباطل.
قال الحفني: ولا مانع من إرادة الأمرين معا، أي: أسألك ألاأخرج عن الحق في جميع الأحوال.
(وأسألك القصد) ؛ أي: التوسط (في الفقر) بأن لا أقتّر في حال فقري، (والغنى) ؛ أي: التوسّط في الغنى بأن لا أسرف وأنفق المال فيما لا يليق.
(وأسألك نعيما لا ينفد) - بالدال المهملة- أي: لا ينقضي، وهو نعيم الآخرة.
(وأسألك قرّة عين) بكثرة النسل المستمرّ بعدي، أو بالمحافظة على الصلاة، لقوله: «وجعلت قرّة عيني في الصّلاة» .
(لا تنقطع) ؛ بل تستمرّ ما بقيت الدنيا، وقيل: أراد قرّة عينه بدوام ذكره وكمال محبّته والأنس به. قال بعضهم: من قرّت عينه بالله قرّت به كلّ عين؛ قاله المناوي.
وقال الحفني: قوله: «قرّة عين» ؛ أي: فرّحني دائما، وخصّ العين!!؟
لأنّها سبب في فرح القلب عند نظرها ما يسر.
(وأسألك الرّضا بالقضاء) بأن تسهّله عليّ فأتلقّاه بانشراح صدر.
(وأسألك برد العيش بعد الموت) برفع الروح إلى منازل السعداء ومقامات المقرّبين، فهو كناية عن السرور الدائم.