والنفس في الإسلام هي جماع شخصية الإنسان: "والروح هي أصل النفس ومادتها، فالنفس مركبة منها ومن اتصالها بالبدن"1.
والنفس الإنسانية واحدة لا ثلاث كما يقول ابن القيم، فقد قسم بعض العلماء النفس إلى: نفس مطمئنة ونفس لوامة، ونفس أمارة بالسوء. "والتحقيق أنها نفس واحدة لها صفات فتسمى باعتبار كل صفة باسم معين، فتسمى مطمئنة باعتبار طمأنينتها إلى ربها بعبوديته ومحبته والإنابة إليه، والنفس اللوامة كثيرة التقلب والتردد وهي من أعظم آيات الله، فهي تتلون وتتقلب بأشكال مختلفة، فتذكر وتغفل، وتقبل وتعرض، وتحب وتبغض، وتفرح وتحزن، وترضى وتغضب، وتتقي وتفجر، وهي على هذا طوال العمر، أما النفس الأمارة بالسوء، فإنها تأمر بكل سوء، وهذا من طبيعتها إلا ما وفقها الله وأعانها، فما تخلص أحد من شر هذه النفس إلا بتوفيق من الله، قال تعالى على لسان امرأة العزيز: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ} [يوسف: 53] .
وتمتد وحدة النفس في الإسلام لتشمل الإنسان كله، بما فيه جسمه وروحه، فالنفس في الإسلام هي الإنسان كله، وبما أن الروح في الإسلام لا تعمل مستقلة عن الجسم -رغم أن لها وجودا مستقلا عنه، فهو ليس سجنا لها- فكذلك النفس لا تعمل مستقلة خارج مركب الروح والجسد.
أما في علم النفس الحديث، فليس للإنسان نفس مخلوقة، وإنما له نفس طبيعية، تصنعها الظروف والمؤثرات الخارجية، فالسلوكيون يرون أن النفس تصنعها التربية والمؤثرات الخارجية، والتحليليون وعلى رأسهم فرويد يرون أن النفس بأجزائها الثلاثة عنده وهي: الـ"هي"، والـ"أنا"، والـ"أنا الأعلى"، يصنعها الكبت، "فالكبت هو النفس بمختلف أجزائها، وعليه فنحن لسنا أمام علم النفس، وإنما نحن أمام فلسفة طبعية إلحادية في النفس تقابل الفلسفة المثالية الإلحادية في النفس عند أفلاطون وأرسطو، وهي أسوأ منها، إذ لا تعترف بمصدر للنفس خارج العالم، فليس هناك في هذه الفلسفة إذن روح ولا عقل مخلوق، ولا نفس تكونت من الروح والجسد وحصلت على صفاتها وأحوالها بالخلق والفطر كما هو الشأن في الإسلام"2.