إيمانكم هي تنفيذ أحكام الله: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65] .
الخاصية الرابعة: أن منهج التربية هذا منهج إيجابي، وواقعي، فهو "تصميم" لواقع مطلوب إنشاؤه على أساس هذا التصميم1 لإعداد الإنسان القادر على القيام بواجبات الخلافة في الأرض، فالإنسان هو المكلف بتنفيذ هذا "التصميم" عن طريق التفكر والتدبر والنشاط بإيجابية وفاعلية.
وينسحب هذا -بطبيعة الحال- على الموقف التعليمي، فمجرد تقديم الخبرة للمتعلم لا يعني -بالضرورة- تعلمه، وتعديل سلوكه في الاتجاه المطلوب، فلا بد من أن ينشط الإنسان ويتفاعل مع الموقف التعليمي، بل ولا بد أن ينعكس أثر ذلك الموقف على سلوك الإنسان بعد ذلك.
والأصل في هذا، أن التعلم لا يحدث وفقا لتصور منهج التربية الإسلامية إلا بعد تعلم خمس خطوات مرتبة ترتيبا سببيا، كما يلي:
1- وجود دافع فطري، أو حاجة من حاجات النفس الغريزية أو المكتسبة.
2- أن يحس الإنسان أو المتعلم بحاجته إلى الاستعانة بهدى الله، وهذه هي الخطوة الثانية.
3- فإذا كان لديه هذا الاتجاه وهذا الشعور، فإنه يدفعه إلى النشاط وإلى التفاعل والأخذ بكل الأسباب من أجل التعرف على تفاصيل ما يريد أن يعرف، وهذه هي الخطوة الثالثة.
4- ونتيجة للاستعانة بهدى الله، والأخذ بكل الأسباب الممكنة، يحدث الفهم، ويتم التحصيل، وهذه هي الخطوة الرابعة.
5- فإذا جاء السلوك بعد ذلك موافقا للفهم والإدراك والتحصيل -وهذه هي الخطوة الخامسة- فإن التعلم يكون قد تم.
إن هذا ما نراه واضحا جليا في قوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 282] . {الم، ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [البقرة: 1-3] ، وهكذا، فما لم يتكون الشعور والاتجاه، ويتم النشاط، ويحصل