يؤتى له بثياب سليمان بن عبد الملك ونظر فيها فإذا آثار الدهن ظاهرة فيها، فكسا الأصمعي حلة منها. ومن الطريف أن الأصمعي كان يخرج مرتديًا إياها أحيانًا، ويقول: هذه جبة سليمان بن عبد الملك كسانيها الرشيد1.

وللأصمعي مع جعفر بن يحيى نادرة لطيفة حين أراد جعفر أن يعاقب إحدى جواريه الجميلات بأن يزوجها للأصمعي وكان كبير السن قبيح الخلقة، فلما رأته الجارية جزعت جزعًا شديدًا، وهنا يقول الأصمعي لجعفر: هلَّا أعلمتني قبل ذلك، فإني لم آتك حتى سرحت لحيتي وأصلحت عمتي، ولو عرفت أنك تريد عقابها لصرت على هيئة خلقتي فوالله لو رأتني كذلك لما عاودت شيئًا تنكره منها أبدًا ما بقيت2.

ومن طرائف الأصمعي ونوادره التي يحكيها قوله: رأيت بعض الأعراب يفلي ثيابه فيقتل البراغيث ويدع القمل، فقلت: يا أعرابي ولم تصنع هذا؟ قال: أقتل الفرسان ثم أعطف على الرجالة3. ولقد ذاعت صفات العلم والفضل والسماحة والفكاهة والسمر عن الأصمعي حتى إن الذين عرضوا لرثائه حين وفاته لم يغفلوا عن ذكر ذلك، فأبو العالية الشامي يذكر علمه وفضله حين رثاه بقوله:

لا در در نبات الأرض إذ فجعت ... بالأصمعي لقد أبقت لنا أسفا

عش ما بدا لك في الدنيا فلست ترى ... في الناس منه ولا من علمه خلفا4

وأما أبو العتاهية فيجمع في مرثيته بين ذكر العلم والفضل والبشاشة والأسمار في قوله:

ألهفي لفقد الأصمعي لقد مضى ... حميدًا له في كل صالحة سهم

تقضت بشاشات المجالس بعده ... وودعنا إذ ودع الأنس والعلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015