على الأغلب- أن يكون صاحب أسرة، ومن ثم فإن عليًّا هذا يعيش عزبًا بغير زواج، ويترجم عن ذلك بشعر لطيف1:
أنا شاعر أهوى التخلي دون ما ... زوج لكي ما تخلص الأفكار
لو كنت ذا زوج لكنك منغصا ... في كل حين رزقها أمتار
دعني أرح طول التغرب خاطري ... حتى أعود ويستقر قرار
كم قائل قد ضاع شرخ شبابه ... ما ضيعته بطالة وعقار
إذ لم أزل في العلم أجهد دائما ... حتى تأتت هذه الأبكار
مهما أرح من دون زوج لم أكن ... كلا ورزقي دائما مدرار
وإذا خرجت لفرجة هنيتها ... لا ضيعة ضاعت ولا تذكار
وإن عليًّا على علمه وفضله رقيق الشعر، عذب مأخذه، ممتنع محاكاته، رغم أنه لم يعرف في موكب الأدب كشاعر كبير، غير أن من يقرأ شعره الذي أفرد له صاحب نفح الطيب عشرات الصفحات يستطيع أن يمتع نفسه ويسر خاطره بفنون عديدة من الشعر الجميل وضروب لطيفة من الأدب البديع في الغربة، والوحشة، والحنين، وفلسفة الحياة، ووصف الطبيعة، والمساجلات والمدائح مما لا يسمح المقام هنا بالتمثل لها.
نعود إلى علي و"المغرب" وقصته مع أبيه يوم العيد، حين قال له أبوه "أظنك لا تفلح أبدًا" إلى آخر ما أوردنا. يقول علي تعليقًا على كلام أبيه "فأثار ذلك خاطري إلى أن صرت مثله لا ألتذ بنعيم غير ما ألتذ به من هذا الشعر ولولا ذلك ما بلغ هذا التأليف إلى ما تراه". ومعنى ذلك أن كتاب "المُغرب في أخبار المغرب" قد اكتمل تأليفه، وخرج على الناس في صورته الأخيرة على يد علي بن موسى، ويكون بين أيدي قراء العربية كتاب ذو محتوى نفيس، وصاحب أغرب قصة في تأليف الكتاب، فلقد بدأه الحجاري سنة 530هـ وأنهاه علي بن