التجول في الأقطار، ومداخلة الأعيان للتمتع بالخزائن العلمية، وتقييد الفوائد المشرقية والمغربية"، ويعدد ابن الخطيب مؤلفات علي بن موسى ويذكر منها "المراقصات والمطربات" و"المقتطف من أزاهر الطرف" و"الطالع السعيد في تاريخ بني سعيد" والموضوعان الغريبان المتعددا الأسفار "المغرب في حلي المغرب" و "المشرق في حلي المشرق"، كما يذكر لسان الدين أن ابن سعيد هذا "خلف "مِرُزَمَةّ" تشتمل على وقر بعير من رزم الكراريس، لا يعلم ما فيه من الفوائد الأدبية والإخبارية إلا الله"1.
لقد ولد علي سنة 610هـ في غرناطة وتوفي في تونس في حدود سنة 685هـ وشأن كبار علماء ذلك الزمان كان لا بد للعالم الأندلسي أو المغربي من أن يرتحل إلى المشرق، وقد فعل علي ذلك، وقام برحلته الأولى في صحبة أبيه، ثم عاد لزيارة مصر مرة ثانية مرورًا بكبار المدائن في إفريقية، والتقى في مصر آنذاك بكبار شعرائها مثل بهاء الدين زهير، وجمال الدين مطروح وابن يغمور، ولقي منهم كل ترحيب وحسن ضيافة.
وتصادف أن نزل القاهرة في تلك الفترة المؤرخ المحدث كمال الدين بن العديم صاحب الموسوعة الكبيرة "بغية الطلب في تاريخ حلب" فاصطحبه معه إلى حلب وقربه إلى السلطان الناصر صاحب حلب، وأدخله عليه فأنشده قصيدة جميلة مطلعها.
جد لي بما لقي الخيال من الكرى ... لا بد للضيف الملم من القرى
ولما علم الناصر بانشغال علي بن موسى بالتأليف مكن له من الاطلاع على خزائن كتبه، ومكن له من الوصول إلى الموصل وبغداد، وكان -لشدة إعجابه بذكائه ورقة شعره- يطلق عليه البلبل.
وفي نطاق رحلته العلمية تحول أيضًا إلى دمشق، واتصل بالسلطان المعظم بن الملك الصالح، وكان ذلك حوالي سنة 648هـ.
ويمضي علي بن موسى في الارتحال على سبيل العلم وعلى نهج العبادة فيرحل إلى البصرة، ويدخل أرجان ويحج بيت الله الحرام، ثم يعاوده الحنين إلى المغرب، فيشد رحاله إليها ويصنف كتابه النفيس "النفخة المسكية في الرحلة المكية"، ويتصل -حيث استقر في إفريقية- بالأمير أبي عبد الله المستنصر الذي يتقلب مقامه عنده بين الحظوة حينًا والجفوة حينًا آخر.
إن من كانت هذه طباعه من حب للعلم، وتلك صفاته من ولع بالرحلة لا يستطيع -