...
الفصل الثاني: بداية التأليف عن الأدب الأندلسي:
إن مصادر الأدب العربي في الأندلس من الكثرة بمكان، بعضها أندلسي النشأة والتأليف، وبعضها الآخر مشرقي النشأة والتأليف، وليس من قبيل المصادفة أن يكون البادئون بالترجمة للأدب الأندلسي وأدبائه من العلماء المشارقة، الحق أن المؤلفين المشارقة كانوا من الوعي العقلي وسعة الاطلاع العلمي بحيث يتابعون كل ما يجري على الأرض الإسلامية التي كانت العربية لغتها فكرًا وأدبًا وتعبيرًا، وكتابة من أطراف الصين شرقًا إلى مراكش والأندلس غربًا، ولدينا على الأقل عالمان مشرقيان اهتما بشئون الأدب الأندلسي من شعر ونثر وبالأدباء الأندلسيين من شعراء وكتاب قبل أن يبدأ الأندلسيون أنفسهم في التأليف في أدبهم، ونعني بهذين العالمين المشرقيين أبا منصور الثعالبي في يتيمة الدهر، والباخرزي في "دمية القصر"، وسوف نقدم ذلك تفصيلًا في الفصل التالي من هذا الباب.
فإذا ما نظرنا إلى مصادر الأدب الأندلسي بأقلام المؤلفين الأندلسيين أنفسهم وجدنا كتبه التي بين أيدينا ترجع إلى القرن السادس الهجري، هذا إذا ضربنا صفحًا عن كتاب "أخبار شعراء الأندلس" الذي ينسب إلى ابن الفرضي المتوفى سنة 403 والذي سبقت الإشارة إليه، وكتاب "الحدائق" في أشعار الدولة المروانية والمدائح العامرية الذي أملاه ابن فرج الجياني، واهتم فيه بدراسة شعر القرن الرابع الهجري، وكل من الكتابين يعتبر من التراث المفقود.
إن النهج الأمثل، هو أن نقسم الكتب التي قدمت لنا الأدب الأندلسي إلى قسمين: قسم