أدبي بحت، انصرفت كل اهتمامات المؤلف فيه إلى الأدب والأدباء من شعر ونثر وأخبار، وما تضمنته هذه الكتب في غير هذا النطاق فإنما هي من قبيل الفروع والاستطرادات. وقسم ثانٍ يندرج تحت موضوعات التاريخ والتراجم. لكن هذه الكتب جميعها -باستثناء القليل منها- مليئة بالنصوص الشعرية وأخبار الشعراء مترعة بالنماذج النثرية وأخبار الكتاب. ولا يغيب عن الذهن أن أكثر الرجال الذين يهتم بهم التاريخ في الأندلس، وهم الملوك والأمراء والوزراء والقضاة والكتاب كانوا جميعًا من الأدباء، ومن ثم فإن كاتب التاريخ لا يستطيع راضيًا أو كارهًا أن يغض الطرف عن الجوانب الأدبية التي كانت ترتبط بهذه الشخصيات التاريخية أو بالأحداث التاريخية نفسها التي كانت على جانب كبير من الإثارة، على طول الفترة الزمنية التي عاشها العرب في الأندلس، وعلى عرض المساحة الأرضية التي غطاها النفوذ الإسلامي في كل من المغرب والأندلس.
إن هذا النوع من الكتب الأدبية الأندلسية من الكثرة بمكان، ونستطيع أن نذكر منها تبعًا للترتيب التاريخي كتاب "قلائد العقبان" وشقيقه "مطمح الأنفس" لأبي نصر الفتح بن خاقان المتوفى سنة 529هـ وقيل سنة 533هـ، وكتاب "الزخيرة في محاسن أهل الجزيرة" لأبي حسن علي بن بسام الشنتريني المتوفى سنة 542هـ، وكتاب "المغرب في حلى المغرب" لأبي الحسن علي بن موسى بن سعيد المتوفى سنة 685هـ وآخرين من بني سعيد، و "الكتيبة الكامنة في شعراء المئة الثامنة" للسان الدين بن الخطيب المتوفى سنة 776هـ و "نفح الطيب" لأحمد المقري المتوفى سنة 1041هـ وهو آخر المصادر الكبيرة التي تناولت الآداب الأندلسية وأكبرها حجمًا وأغزرها مادة.
وهناك كتب أخرى تحمل أسماء تاريخية، لكنها إلى الدراسات الأدبية أقرب منها إلى التاريخ، وسوف نتناول بعضها بالدراسة بعد أن ننتهي من الحديث على هذه الكتب التي ذكرنا.