القوطية الأخرى، مع أن ابن الفرضي كان أحد تلاميذه1.

نفهم مما سبق قوله أن صاحب "كتاب القضاة بقرطبة" لم يكن أندلسيًّا، وأن المؤلف الآخر الذي لا شك في أندلسيته، ونعني به ابن القوطية مشكوك في نسبة كتاب "تاريخ افتتاح الأندلس" إليه، بل إن الأمر يتعدى هذا النطاق إلى ما هو أخطر منه، فإن ابن القوطية قد استقى أكثر أخبار كتابه ورجع في أكثر رواياته إلى ما ألفه العلماء والمؤرخون المصريون عن المغرب والأندلس، وقد أفرد الشيخ محمد رضا الشبيبي كتابًا قيمًا في هذا الشأن، وتابع ابن القوطية في مصادره وردها إلى أصولها، وأطلق الشيخ على كتابه اسم "أدب المغاربة والأندلسيين في أصوله المصرية"2.

2-

فإذا فتشنا عن كتب أخرى في تاريخ الأندلس أو الأدب الأندلسي كتبت في وقت مبكر، فإن الفكر يذهب بنا إلى كتاب العقد الفريد لأحمد بن عبد ربه المتوفى سنة 328هـ وقد عاش النصف الثاني من القرن الثالث، وأكثر من ربع القرن الرابع، وأنه من المعروف أن "العقد الفريد" موسوعة أدبية تاريخية فكرية إخبارية عن المشرق وليس عن الأندلس، وإذا تابعنا قراءته بعناية فلن نعثر فيه إلا على صفحات قليلة بين مجلداته العديدة أرخ فيها باختصار إلى ذلك، فإنه كان يتحدث عن بني أمية في المشرق - والكتاب أنشئ عن المشرق هدفًا ومقصدًا- فرأى أن يجاهل الملوك الأمويين الأندلسيين الذين كانوا يوفونه قدره من التوقير والتكريم بأن يذكر شيئًا من تاريخهم، ولم يزد على ذلك شيئًا سوى بعض شعره وأشعار أخرى قالها في فتوح عبد الرحمن الناصر ووقائعه الحربية.

ربما تقع أنظارنا على أسماء بعض الكتب التي ألفها مؤلفوها الأندلسيون، مثل كتاب "وصف الأندلس" لأحمد بن محمد الرازي المعروف بابن لقيط الكاتب المتوفى سنة 433هـ، وكتاب "مختصر تاريخ الطبري" لعريب بن سعد القرطبي طبيب المستنصر، وقد ألحق بمختصره هذا جزءًا خاصًّا بتاريخ المغرب والأندلس3، وكتاب "تاريخ الأندلس" لعيسى بن أحمد الرازي القرطبي المتوفى في أواخر القرن الرابع الهجري، وكتاب "تاريخ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015