ويتناول الكتاب تاريخ الأندلس منذ الفتح الإسلامي حتى سنة 300هـ منتهيًا بوفاة الأمير عبد الله الأموي الأندلسي1.
وكان ابن القوطية على علم بالعربية بصيرًا بفروعها، كما كان حسن التدين، ضليعًا في العلوم الدينية وله في ذلك عدة من المؤلفات، غير أنه لم يكن محايدًا في بعض أحكامه التاريخية، وكان يميل إلى التحمس لجانب قومه الأندلسيين القوطيين، ويجنح إلى التعصب على العرب والنبل منهم، فإذا ذكر ملوك الأسبان - وهو من سلالة بعضهم- بالغ في مدحهم وإعلاء منزلتهم، وإذا ذكر العرب نال من قدرهم وحط من شأنهم، ويبدو ذلك واضحًا في خلع صفات السياسة والكياسة والعلم والثقافة على "قريبه" الأمير أرطباس القوطي، وفي الوقت نفسه يرمي الصميل بن حاتم القائد العربي المتوفى سنة 142 في سجن عبد الرحمن الداخل بالجهل والغفلة، ويسوق خبرًا مضحكًا في هذا السبيل ملخصه أن الصميل سمع معلمًا يقرأ على الصبيان الآية الكريمة {وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} فقاطعه الصميل قائلًا: بل الآية: وتلك الأيام نداولها بين العرب. وهنا تنبه المعلم إلى خطئه وأعاد قراءة الآية على سمعه قراءة صحيحة، فصاح الصميل قائلًا: سبحانك ربي أن تجعل الحكم في أرذال الناس دون العرب.
إن القصة على ما فيها من فكاهة، تدل على عصبية ظاهرة عند ابن القوطية على العرب، فليس كل العرب على نمط الصميل، وليس كل القوط على نمط أرطباس، الأمر الذي يسم ابن القوطية بسمعة الشعوبية، وهي نغمة كريهة في كل زمان ومكان، وإن الأمر الذي لا يجعل لابن القوطية وسيلة يبرر من خلالها تصرفه هذا الخاطئ المنحرف أنه ألف كتابه -فيما لو تأكد أن الكتاب له- في زمن الناصر والمستنصر حينما كانت الأندلس بكل سكانها -وصفوتهم من العرب- تتألف بنور المعرفة وتتيه على الدنيا كلها علمًا وثقافةً وأدبًا وسماحة وقوة.
على أن هناك قرينة تضعف من نسبة الكتاب إلى ابن القوطية وتميل إلى أنه من تأليف أحد تلاميذه؛ لأن عبارات بعينها تردد على صفحات الكتاب مثل: قال شيخنا أبو بكر -يعني ابن القوطية- أو عبارة: قال ابن القوطية.
ويجيء صديقنا وزميلنا الدكتور أحمد مختار العبادي بقرينة أخرى هي أن ابن الفرضي صاحب معجم "تاريخ علماء الأندلس" لم يذكر الكتاب في جملة ما ذكر من مؤلفات ابن