الفصل الثاني: تاريخ بغداد للخطيب البغدادي:
تاريخ بغداد:
إن كتاب تاريخ بغداد واحد من أشهر كتب التراجم في ميدان الثقافة العربية والإسلامية، وهو بالإضافة إلى شهرته قمة شامخة الذروة من كتب التراجم صدق رواية وحسن عرض وثقة أخبار، وهو في الوقت نفسه رأس المدرسة التي تنهج الترجمة لأعيان مدينة بعينها، وهو في هذا المقام رأس أساتذة هذه المدرسة جميعًا*.
ومؤلف "تاريخ بغداد"هو الخطيب البغدادي واسمه كاملًا أحمد بن علي بن ثابت وكنيته أبو بكر، ومولده في غزية -منتصف الطريق بين الكوفة ومكة- سنة 392هـ ووفاته في بغداد سنة 463هـ. وصاحب تاريخ بغداد من الرواة الثقات والمحدثين الصادقين والعلماء الأجلاء والأدباء الأبيناء، رحل في سبيل العلم إلى مكة والبصرة والكوفة والدينور حتى إذا استقامت له أسباب المعرفة وتهيأت له مؤهلات الرواية وأسلس العلم له قياده جلس في جامع المنصور في بغداد يلقى دروسه على طالبي العلم. ومن الطريف أنه واحد من العلماء القليلين الذين أخذ عنهم أساتذتهم، فقد روى عنه من شيوخه، الأزهري، كما روى عنه آخرون كثيرون1.
وقد ثار عليه الحنابلة أكثر من مرة؛ لأنه كان ينكر الفقه على الإمام أحمد ويقول في ترجمته: أحمد بن حنبل سيد المحدثين. ويقول في ترجمة الشافعي: إنه تاج الفقهاء.
وكان الخطيب البغدادي عالمًا وقورًا حسن الشكل، وفير العلم في الفقه والحديث