المقطوعتين اللتين اختارهما من شعر الفرزدق والنجاشي الحارثي في نزول الذئب ضيفًا على كل منهما1. هذا ويمكن أن يقع باب مذمة النساء في النطاق نفسه وأن يميز بجعله فصلًا من فصول باب الهجاء.

رابعًا: أصاب أبو الفرج البصري كثيرًا من التوفيق في اختياراته التي ضمنها باب الصفات والنعوت، فقد أورد بعض غريب الأوصاف مثل وصف أبي حيان الأسدي للحية ذات الأجراس2 أو وصف مرو بن شاس لحية أخرى3، أو وصف أبي الشيص للهدهد4، أو وصف كل من كعب الأشقري والخالديين لقلعة5، أو وصف يحيى بن ثابت للديك، ولكنه لسوء الحظ لم يأت إلا ببيت واحد منها لم يف بالغرض هو قول الشاعر:

صوت النواقيس بالأسحار هيجني ... بل الديوك التي قد هجن أشواقي6

ومن الغريب أن المقطوعة جاءت كاملة عند أبي تمام في حماسته في مكان لا ينسى؛ لأنها جاءت ختامًا لحماسياته. وإذا ما كان الأمر متعلقًا بوصف الديك فكان ينبغي للمصنف أن يلتفت إلى وصف الديك عند ديك الجن، خاصة وأنه تمثل له -أي لديك الجن- بمقطوعة في وصف سحابة، فكان من اليسير عليه لو كان باذلًا جهدًا أن يمتع قارئه وأن يزين مختاراته بقطعتين لا قطعة واحدة للشاعر ديك الجن يصف ديكًا.

خامسًا: أفرد مصنف الحماسة البصرية بابًا جديدًا للإنابة، والزهد، وجعل أكثر مختاراته من قول الجاهليين، مثل قس بن ساعدة، وحاتم الطائي، ولبعض المخضرمين، مثل لبيد، وأمية بن أبي الصلت، وتناسى المحدثين فلم يأت لهم إلا بمقطوعات قليلة: ثلاث لأبي العتاهية واثنين للعتابي وواحدة لأبي فراس، وكان من اليسير بمكان أن يجعل المصنف من هذا الباب واحدًا من أكثر أبواب حماسته ثراء وإمتاعًا، ولكنه كسول ضعيف الجهد قليل الالتفات يؤثر أن يكون عالة على من سبقوه، وليس مجددًا أو مبتكرًا في اختياراته.

سادسًا: ولعل الجديد الوحيد بين أبواب الحماسة هو ما أطلق عليه المصنف "باب ما جاء في أكاذيبهم وخرافاتهم" وقد أتى فيه باختيارات لعشرة شعراء كل مقطوعة تتصل بخرافة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015