وظلت عيون النور تخضل بالندى ... كما اغرورقت عين الشجي لتدمعا
والأمثلة والنماذج كثيرة متناثرة في فصول هذا الباب، تناثر الجوهر على صدر الحسناء.
والأمر الثاني الذي يلفت النظر في هذا الباب، هو اهتمام ابن الشجري وفطنته إلى الشعر المرتبط بأسباب الثقافة، والعلم كوصف الكتب والرسائل التي يتبادلها الأنداد والأصحاب والمتحابون، فهذا أبو محمد المهلبي الوزير يصف كتابًا بهذا الشعر الطريف1:
وفضضته فوجدته ... ليلًا على صفحات نور
مثل السوالف والجباه الـ ... ـبيض زينت بالشعور
وكنظم در كالثغو ... ر وكالعقود على النحور
أنزلنه مني بمنـ ... ـزلة القلوب من الصدور
أو قول أبي تمام في الغرض نفسه وهو أرق وأحلى من قول سابقه على رقته2:
فضضت ختامه فتبلجت لي ... غرائبه عن الزهر الجني
وضمن صدره ما لم تضمن ... صدور الغانيات من الحلي
ولا يسعنا أن نتجاهل أبيات زيد بن الحسن الكندي، وهو يصف الدفاتر هذا الوصف الخلاب الفريد3:
خرس تحدث آخرًا عن أول ... بعجائب سلفت ولسن أوائلا
سقيت بأطراف اليراع بطونها ... وظهورها طلًّا أحم ووابلا
تلقاك في حمر الثياب وسودها ... فتخالهن عرائسًا وثواكلا