دعت فوق أغصانٍ من الأيك غدوة ... مطوقة ورقاء في إثر آلف

فهاجت عقابيل الهوى إذ ترنمت ... وشبت ضرام الشوق بين الشراسف

بكت بجفون دمعها غير ذارف ... فأغرت جفوني بالدموع الذوارف

ثم سرت فأتيت أرضها فأواني الليل إلى حي، فخفت أن يكونوا من قومها فبت بالقفز فلما هدأت الرجل، ورنقت في عيني سنة إذا قائل يقول:

تمتع من شميم عرار نجدٍ ... فما بعد العشية من عرار

فتفاءلت -علم الله- ثم غلبتني عيناي فإذا آخر يقول:

ولاميَّ بعد اليوم إلا تعلة ... من الطيف أو تلقى لها منزلًا قفرا

فزادني ذلك قلقًا فمنت فإذا ثالث يقول:

لن يلبث القرناء أن يتفرقوا ... ليل يكر عليهم ونهار

فقمت وركبت ناقتي متنكبًا الطريق، فلما برق الفجر، إذا راعٍ من الشروق قد سرح غنمًا، وهو يتمثل:

كفى بالليالي مخلقات لجدة ... وبالموت قطاعًا حبال القرائن

فأظلمت علي الأرض، فتأملته فعرفته فقلت: فلان؟ فقال: فلان. قلت ما وراءك؟ قال: ضاجعت والله رملة الثرى، فما تملكت أن سقطت عن بعيري فما أفقت حتى حميت علي الشمس، فاستيقظت، وقد عقل الغلام ناقتي ومضى فكررت وأنا أقول:

يا راعي الضأن قد أبقيت لي كمدًا ... يبقى ويقلقني يا راعي الضأن

نعيت نفسي إلى نفسي فكيف إذن ... أبقى ونفسي في أثناء أكفان؟

وأما من حيث الملامح التي بدت لنا متغيرة عن سالف منهج الحماسات، فيمكن أن نلم بها في القضايا الآتية:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015