وفروسية وحماسة فمن يكون إذن لها؟
وأما شعراء القرن الخامس، فلا نكاد نرى له من الاختيارات إلا ما اختاره للشريف المرتضى الذي عاش نصف عمره الأدبي في القرن الرابع، ونصفه الآخر في القرن الخامس.
وأما شعراء القرن السادس، فكانوا أوفر حظًّا فقد اختار لاثنين منهمهما القاضي الأرجاني المتوفى سنة 544هـ أي بعد عامين من وفاة ابن الشجري، وزيد بن الحسن الكندي 520 - 613هـ، هذا ويمكن أن نشك في أن أبيات القاضي الأرجاني من اختيارات ابن الشجري فقد وردت في آخر قسم من الديوان تحت عنوان "الأشعار المزيدة على أصل الكتاب".
ثالثًا: لم يضن ابن الشجري على الشاعرات العربيات بنصيب جعله لهن في اختياراته، وإن كانت أكثر اختياراته لهن في الرثاء، فأورد مختارات فيهذا الباب لكل من رفاعة بنت شداد المرية، كبشة بنت الشيطان الكندية، سعدى بنت الشمردل، جنوب الهذلية، ليلى الأخيلية، الخنساء، مية أخت قبيصة بن ضرار، ليلى بنت طريف، وهي نفسها الفارعة بنت طريف الشيبانية: أورد لها ستة أبيات فقط من مرثيتها الفائية الرائعة، بنت ملاعب الأسنة ترثي أباها بأرجوزة ولم يذكر اسم الشاعرة.
وقد جاء بمقطوعة غزلية لرضا الهلالية، ومقطوعتين من الشعر المكشوف لأم الضحاك المحاربية.
إن ابن الشجري لم يزد إلا القليل على ذلك الذي أورده أستاذاه في حماسيتهما في بعض ناحية، وقصر عنهما في ناحية أخرى.
رابعًا: عمد ابن الشجري، وربما لأول مرة بين أصحاب دواوين الحماسة إلى رواية قصة يتمثل بطلها بلون معين من الشعر وهو الغزل، ويجعل من كل مثال يتمثل به مقطوعة مستقلة أو حماسية مستقلة، ولو كانت بيتًا واحدًا لا غير، وهي محاولة -كما ذكرنا- فريدة عند أصحاب كتب الحماسة، وقد يكون من الترويح على أنفسنا وعلى قارئنا أن نوردهذا المنزع الجديد في الحماسيات المتضمنة في قصة أو خبر1:
روى ابن دريد قال: أخبرنا الرياشي عن الأصمعي قال، حدثني منتجع بن نبهان قال أخبرني رجل من بني الصيداء من أهل الصريم قال: كنت أهوى جارية من باهلة فأخافني قومها وأخذوا علي المسالك، فخرجت ذات يوم فإذا حمامات يسجعن في أفنان أيكات متناوحات في سرارة واد فاستفزني الشوق، فركبت وأنا أقول: