والله ما مدحا حيًّا ولا رثيا ... ميتًا ولا افتخرا إلا بأشعاري

ولكن جانبهما كان الأرجح عند الخاصة، ودليل ذلك أن أبا إسحاق الصابي بعلمه وفضله وأدبه مدحهما شعرًا وزكاهما نثرًا.

فإذا ما تركنا شخصية المؤلفين -وكان من الضرورة بمكان أن نعرف بهما هذا التعريف السريع- وانتقلنا إلى استعراض الكتاب نفسه فإننا نستطيع أن نعرضه من خلال هذه الوجوه:

أولًا: ذهب محقق الكتاب1 إلى أن هذا الذي بين أيدينا هو "كتاب الأشباه والنظائر" للخالديين وليس "كتاب الحماسة" وبالتالي يكون هناك كتابان للمؤلفين يحمل أولهما عنوان "الحماسة" ويحمل الثاني عنوان "الأشباه والنظائر" وتمنينا لو استطاع الأستاذ المحقق أن يأتي برأي شافٍ، وينتهي إلى حكم قاطع ودليل مقنع، فهو وإن اجتهد في التدليل على رأيه اجتهادًا حميدًا لم يستطع أن يضع في خواطرنا من الأسباب ما نقره بها على رأيه، وقد يثبت المستقبل صدق حدسه ومشكور اجتهاده إذا ظهر الكتاب الذي أنكر وجوده. والواقع الذي نراه أن كتاب الأشباه والنظائر للخالديين هو نفسه كتاب حماسة الخالديين حسبما ذكر ابن النديم، وهو معاصر للمؤلفين.

ثانيًا: إن استهلال الكتاب والمعاني أو الموضوعات الأولى التي عالجها متصلة كل الاتصال بموضوع الحماسة، تمامًا كما افتتح كل من أبي تمام والبحتري "حماسته" بهذا الضرب من الشعر. يبدأ الخالديان حماستهما هكذا2:

قال المهلهل بن ربيعة:

بكره قلوبنا يا آل بكر ... نغاديكم بمرهفة النصال

لها لون من الهامات جون ... وإن كانت تغادى بالصقال

ونبكي، حين نذكركم عليكم ... ونقتلكم كأنا لا نبالي

ثم يستطرد قائلًا: "أبيات المهلهل هذه هي الأصل في هذا المعنى، ومثله قول الحصين بن الحمام المري:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015