المناظرة النحو العربي والمنطق اليوناني.

وحينما غادرا بغداد غادراها إلى حلب والتحقا بندوة سيف الدولة الحمداني، وشاركا في محافله الأدبية وحلقاته الشعرية التي أمها كبار شعراء العربية في ذلك الزمان مثل المتنبي وأبي فراس، والنامي، والناشي، وابن نباتة السعدي والوأواء الدمشقي، وأبي الفرج الببغاء، والسري الرفاء وغيرهم من صفوة علماء الأدب واللغة كأبي علي الفارسي، والحسين بن خالويه وأبي الطيب النحوي، وأبي بكر الخوارزمي فضلًا عن المعلم الثاني أبي نصر الفارابي الذي أسهم في هذه الندوة لفترة من الزمان.

وحينما أراد سيف الدولة أن يعهد بمكتبته الثمينة إلى من يحسن إعدادها وتنسيقها والسهر عليها، وتغذيتها بكل جديد عهد إلى الأخوين معًا أبي بكر محمد، وأبي عثمان سعيد لكي يقوما بهذا العمل الجليل، فأغنيا مكتبة سيف الدولة، وأغنيا المكتبة العربية عامة بما ألفا من كتب جليلة الفائدة أتاحتها لهما فرصة لزومهما للمكتبة وعكوفهما عليها، فألفا معًا وجمعا هذه الكتب: كتاب التحف والهدايا، كتاب شعر المحدثين، كتاب أخبار أبي تمام ومحاسن شعره، اختيار شعر البحتري، اختيار مسلم بن الوليد وأخباره، اختيار شعر ابن المعتز والتنبيه على معانيه. وفي مجال التاريخ الأدبي الاجتماعي ألفا كتاب أخبار الموصل وكتاب الديارات. هذا وينسب إليهما كتاب مطبوع نكثر من الانتفاع به هو كتاب المختار من شعر بشار، هذا فضلًا عن كتاب الحماسة. إنهما في كتبهما هذه ليسا مجرد جامعين ولكن رأيهما يبدو واضحًا فيما يقدمان من مؤلفات، وذلك من واقع التنبيه إلى مواطن المعاني عند ابن المعتز أو أخبار هؤلاء الشعراء.

هذا ومن الفائدة بمكان أن ننوه بهما كشاعرين تعرضا لتهمة خطيرة، هي سرقة شعر السري الرفاء ونسبته إليهما، وقد كان كل من الأخوين من ناحية والسري الرفاء من ناحية أخرى قد خاضا معركة شعرية شغلت معاصريهم وقسمتهم قسمين: قسما يؤيد السري الرفاء وقسمًا آخر يؤيد الشاعرين الأخوين، وحينما نذكر كلمة المعاصرين فإنما نهدف إلى الشمول الذي يدخل فيه أهل الشام، وأهل العراق.

لقد مدح الخالديان أبا البركات لطف الله بن ناصر الدولة، فاتهمهما السري بأن ما قالاه فيه من مديح مسروق منه وكتب إليه قصيدة يقول في بعضها:

إن توجاك بدر فهو من لججي ... أو ختماك بياقوت فأحجاري

باعا عرائس شعري بالعراق فلا ... تبعد سباياه من عونٍ وأبكار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015