الخالديان شاعران أخوان أحدهما محمد وكنيته أبو بكر توفي 380هـ، والثاني سعيد وكنيته أبو عثمان توفي 371هـ، وهما ابنا هاشم بن وعلة الخالدي نسبة إلى الخالدية، وهي قرية من أعمال الموصل.
والخالديان الشقيقان كانا يمثلان ظاهرة أدبية فريدة، فقد كانا يكتبان القصيدة فتنسب إليهما معًا، وتروى لهما دون أن يعرف أي منهما أنشأها، وليس من شك في أن الأخوين كانا يشتركان في إنشائها وإن يكن أحدهما مصمم فكرتها وراسم منهجها وواضع خطوطها الأولى، ولكن ذلك لم يمنع من أن تنسب قصائد أخرى إلى كل منهما على حدة.
وإذا كانت القصائد تنسب إليهما معًا في أكثر الأحوال، فكذلك نسبت أعمالهما الأدبية وكتبهما التي ألفاها إليهما معًا، ومنها هذا الكتاب الذي نحن بصدد الحديث عنه.
وقليلون أولئك الذين جمعوا بين الشعر والتأليف في أدبنا العربي، ومن هذا القليل الشاعران الشقيقان الخالديان اللذان ما افترقا في حل وإقامة ولا في ظعن أو سفر، فحينما أرادا الثقافة ارتحلا معًا إلى بغداد، واستمعا معًا إلى أحاديث ابن دريد وجحظة البرمكي وأبي بكر الصولي وابن الخياط، وشاركا معًا في ارتياد المنتديات الأدبية والمجالس الثقافية، وحضرا في بغداد المناظرة الطريفة النفيسة التي جرت بين أبي بشر متى بن يونس وأبي سعيد السيرافي في منتدى الوزير أبي الفتح الفضل بن جعفر بن الفرات، وكان موضوع