اعتبار أن أول أبواب المجموعة كان في هذا الضرب من قول الشعر حسبما مر بنا قبل قليل، وليس هناك ثمة شك في أن عنوان "الحماسة"، هو من اختيار أبي تمام نفسه، وليس من ابتكار الدارسين المتأخرين.
وهذه الحماسة تضم ثمانمائة وإحدى وثمانين قصيدة أو مقطوعة، أو حماسية وتسمى بالحماسة الكبرى، تمييزًا لها عن حماسة أخرى للشاعر، أصغر حجمًا وأقل من حيث عدد القصائد، والمقطوعات تعرف حينًا بالحماسة الصغرى وحينًا آخر بالوحشيات، وإن لم يكن بينهما كبير فرق في الأبواب والموضوعات.
ذكرنا أن أبواب حماسة أبي تمام تشمل موضوعات الحماسة، والمراثي، والأدب بمعنى السلوك والتربية، والنسيب، والهجاء، والأضياف، والمديح، والسير والنعاس، والصفات، والملح، وذم النساء. إي أن باب الحماسة وما قيل فيه من شعر يفوز بنصيب الأسد من حيث عدد القصائد والمقطوعات التي قيلت فيه، وقد بدأ أبو تمام اختياراته الحماسية بالقصيدة المشهورة لأحد بني العنبر1:
لو كنت من مازن لم تستبح إبلي ... بنو اللقيطة من ذهل بن شيبانَا
إذن لقام بنصري معشر خشن ... عند الحفيظة إن ذو لوثة بانا
قوم إذا الشر أبدى ناجذيه لهم ... قاموا إليه زرافات ووحدانا
لا يسألون أخاهم حين يندبهم ... في النائبات على ما قال برهانا
لكن قومي وإن كانوا ذوي عدد ... ليسوا من الشر في شيء وإن هانا
يجزون من ظلم أهل الظلم مغفرة ... ومن إساءة أهل السوء إحسانا
كأن ربك لم يخلق لخشيته ... سواهم من جميع الناس إنسانا
وهذه الأبيات من أكثر ما قيل في الشعر العربي إثارة للحماس عن طريق الامتهان