3- محمد بن داود الجراح 243-296هـ وكان صديقًا لابن المعتز ووزيره خلال اليوم الذي ولي فيه العرش على ما مر بنا قبل قليل، وله كتابان في الطبقات لكل منهما صبغة تخصص بعينه، فأما كتابه الأول، فهو في "من اسمه عمرو من الشعراء" والتخصص هنا يقع في نطاق الاسم دون الزمانية أو المكانية أو الموضوعية، والكتاب محقق ومعد للطباعة حسبما مر بنا قبل قليل، وأما الكتاب الثاني لابن الجراح، فهو كتاب "الورقة" وقد حققه أستاذنا المرحوم الدكتور عبد الوهاب عزام والأستاذ عبد الستار فراج، وهو بين أيدي القارئين، وقد ضم ترجمة لثلاثة وستين شاعرًا وشاعرة، كلهم ممن اتصلوا ببني العباس، بينهم عدد من مخضرمي الدولتين، غير أن الكتاب صغير الحجم مختصر الترجمات، وإن كان ذلك لا يحط من قدره، فكثير مما به من الأخبار والأشعار قد انفرد بها مثلما فعل ابن المعتز.
4- عبد الملك بن محمد الثعالبي 350-429هـ صاحب يتيمة الدهر وواحد وعشرين كتابًا آخر من رفيع المعرفة لغة وأدبًا وتاريخًا وفنًّا كلها مطبوعة سبقت الإشارة إليها فضلًا عن عدد آخر من الكتب المخطوطة يناهز الثمانية. واليتيمة تعتبر أولى طبقات الشعراء ذات الصفة الموسوعية، وإن كان ابن خلكان جعلها هي وغيرها من الكتب الجليلة التالي ذكرها فروعًا من كتاب "البارع" الذي مر ذكره.
على أن كتاب اليتيمة قد قارب حد الشمول في ترجمته لشعراء القرن الرابع، جاعلًا لكل مصر من الأمصار الإسلامية قسمًا من كتابه، مبتدئًا من بلاد الجبل وما وراء النهر شرقًا، مارًّا بالعراق العجمي، والعراق العربي، والشام والجزيرة، ومصر وإفريقية، والأندلس مطيلًا مسهبًا عند من ينبغي الوقوف والإطالة عندهم مثل المتنبي وابن العميد، والصاحب بن عباد وأبي إسحاق الصابي، وأبي فراس وغيرهم من صفوة شعراء العربية في القرن الرابع غير أنه يختصر في بعض الأحيان ويغفل بعض الأعيان، كما فعل حين لم يشر إلى الصنوبري شاعر الطبيعة الأول وإمام مدرستها في الشعر العربي. هذا ولا تزال اليتيمة بأقسامها الأربعة الثمينة، العمدة لكل من يرغب في تثقيف نفسه في أدبنا في القرن الرابع الهجري وقد أعجب بها الأدباء والباحثون والشعراء قديمًا وحديثًا مما جعل أبا الفتوح بن قلاقس الإسكندري يقول فيها:
أبيات شعر اليتيمة ... أبكار أفكار قديمة
ماتوا وعاشت بعدهم ... فلذاك سميت اليتيمة
5- علي بن الحسن الباخرزي المتوفى 467هـ صاحب "دمية القصر وزهرة أهل العصر" ونلاحظ أن التسمية من حيث الصياغة جاءت على وزن "يتيمة الدهر" وإن كانت مركبة من سجعتين مما يوحي بأن مؤلفها قد جعلها امتدادًا أو ذيلًا ليتيمة الدهر.