إنه من الفائدة بمكان أن نعرض لذكر كتب الطبقات التي ترجمت للشعراء على أساس منهجي متخصص، سواء أكان ذلك على أساس الفترة الزمانية، أو البقعة المكانية، أو التجميع لشعراء يحملون اسمًا واحدًا كمحمد أو عمرو بعد أن قدمنا أصحاب الطبقات الذين حشدوا أكبر عدد من الشعراء في كتبهم- وإن يهملوا جانب التسلسل التاريخي -وهم ابن سلام المتوفى سنة 232هـ في كتابه "طبقات الشعراء" وابن قتيبة المتوفى سنة 276هـ في كتابه "الشعر والشعراء" ونضيف إليهم مصنفًا ثالثًا، هو محمد بن عمران بن عبد الله المرزباني المتوفى 384هـ في كتابه "معجم الشعراء"، وبهذه المناسبة فإن المرزباني يقارب كلا من ابن قتيبة والجاحظ غزارة علم وسعة أفق وتعدد معرفة ووفرة تأليف. وقد قالوا عنه إنه جاحظ زمانه، غير أنه مختلف تمامًا عن الجاحظ وابن قتيبة في السلوك، فقد كان كل من الجاحظ وابن قتيبة متحفظين سلوكًا متمسكين دينًا، وأما المرزباني فكان يضع أمامه المحبرة وقنينة النبيذ يكتب ويشرب حسبما مر القول إبان الحديث عن شخصيته العلمية.
نعود إلى طبقة المتخصصين من أصحاب طبقات الشعراء ونحاول أن نرتبهم تاريخيًّا وأن نعرف بمن لم نعرف به منهم بعد.
1- هارون بن يحيى المنجم 251-288هـ صاحب كتاب "البارع" وكتابه يعتبر أو لكتب الطبقات التي اختصت بفترة زمانية بعينها، فقد مر بنا أنه ابتدأه ببشار بن برد واختتمه بمحمد بن عبد الملك بن صالح، وجملة من ترجم له مائة وواحد وستون شاعرًا، وقد كان الكتاب معروفًا لكثير من أصحاب كتب التراجم، ورآه ابن خلكان ووصفه وصفًا مفصلًا، ومن نظرة إلى تاريخ ولادة هارون ووفاته نلحظ أنه مات شابًّا في السابعة والثلاثين، ومع ذلك فكتابه يعتبر أساس كتب التراجم ذات الطابع المتخصص.
2- عبد الله بن المعتز 247-296هـ وقد مر الحديث عنه، وعن كتابه طبقات الشعراء بما فيه الكفاية.