يبيحها الشعر مثل "تطاه" فأبدل الشاعر الهمزة ألفًا لينة، ولم يستشهد بشعر شعراء آخرين غير مرتين اثنتين، مرة بيتين للأبيوري في تشبيهه السيوف باللجين قبل الضرب بها، وبالعسجد بعد الضرب بها في قوله:
ولله در السيف يجلو بياضه ... غياهب يوم قاتم الجو أربدا
بمعترك يلقى به الموت بركه ... يسل لجينًا ثم يغمد عسجدا1
ومرة أخرى ببيت لشاعر لم يذكر اسمه:
نصف النهار، الماء غامره ... ورفيقه بالغيب ما يدري
ولأن ابن الشجري قد اقتصر على المعاني الأدبية في شرح القصيدة، فإنه لم يستوفِ بها الوقت المحدد للدرس رغم طولها، فعمد إلى الانتقال إلى تفسير الآية الكريمة {أولئك أصحاب الجنة} حسبما مر بنا عند حديثنا عنه مفسرًا.
ومن مجالس الشعر المجلس الرابع والستون2 وهو يعرض فيه قصيدة في لقاء الأسد، ذكر أنها أجود شعر قيل في مثل هذا الموقف، ونسب القصيدة إلى من اسمه بشر بن عوانة العبدي ومطلعها:
أفاطم لو رأيت ببطن خبتٍ ... وقد لاقى الهزبر أخاك بشرَا
إذن لرأيت ليثًا أمَّ ليثًا ... هزبرًا أغلبًا لاقى هزبرًا
وابن الشجري صادق في قوله إن هذه القصيدة من أحسن الشعر الذي قيل في لقاء الأسد، ونسب روايتها إلى بديع الزمان الهمذاني سماعًا من ابن أخته محمد بن عبد السلام القزويني. وفات ابن الشجري أنه ليس هناك شاعر اسمه بشر بن عوانة العبدي، فبشر هذا اسم لشخص وهمي جعل منه بديع الزمان المهذاني بطلًا لإحدى أقاصيصه في الحب والبطولة والتضحية في سبيل من يريد الزواج منها، وهي ابنة عمه فاطمة التي هي بدورها شخصية وهمية، وهذه الأقصوصة الممتعة التي يكتبها بديع الزمان وضمنها هذه القصيدة