ثم يجد الصولي بين ما يجد من مادة أبي تمام التي لديه بعض الأخبار، فاته أن يضمنها الفصول الماضية فيعقد لها فصلًا تحت عنوان "أخبار لأبي تمام متفرقة" وهو تحايل منهجي إن لم يكن مقبولًا موضوعًا فهو طريف شكلًا. وتلك الأخبار التي ضمنها المؤلف هذا الفصل طريفة في جملتها، فمنها على سبيل المثال أن أبا تمام كان يقول: أنا ابن قولي:

نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ... ما الحب إلا للحبيب الأول

كم منزل في الأرض يألفه الفتى ... وحنينه أبدًا لأول منزل1

ويذكر الصولي ضربًا آخر طريفًا حول أبي تمام والمطلع الذي انتقده الناس بسببه: "كذا فلحل الخطب وليفدح الأمر" مفاده أن عمرو بن أبي قطيفة رأى أبا تمام في النوم فقال له: لم ابتدأت بقولك: "كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر" فأجابه: ترك الناس بيتًا قبل هذا، إنما قلت:

حرام لعين أن تجف لها شفر ... وأن تطعم التغميض ما أمتع الدهر

كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر ... فليس لعين لم يفض ماؤها عذر2.

وبعد أن يعقد المؤلف صفحة وبعض صفحة لفصل بين فيه وفاة أبي تمام وتاريخها يختم كتابه بفصل عن المراثي التي قيلت فيه، وهي في جملتها لا تزيد على خمس قصائد ومقطوعتين، ولعل أبلغها وأرقها جميعًا مرثية الحسن بن وهب3.

كان هذا منهج الصولي في كتابه أخبار أبي تمام، وعلى الرغم من أن الصولي قد جعل من كتابه هذا ميدانًا للدفاع عن أبي تمام والتحمس له، فإن هذا الكتاب من الناحية الموضوعية والمنهجية قد وفى بالغرض الذي استهدفه مؤلفه من حيث التعريف بأبي تمام وبحياته الخاصة والعامة وبثقافته، وعلاقته بالناس بصفة عامة وبممدوحيه بصفة خاصة وبشعره بصفة أخص.

فإذا تركنا الصولي لأبي تمام وغضضنا النظر عنه، فإن ذلك قد لا ينال كثيرًا من جوهر الكتاب والمقصد من تأليفه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015