غائبًا وشاهدًا، وغيره أحب إلي منه. قال: فقولي. قالت: أحب الرحب الذراع، الطويل الباع، السخي النفاع المنبع الدفاع، والدهمي المطاع، البطل الشجاع، الذي يحل باليفاع، ويهين في الحمد المتاع1. قال: كلتاكما محسنة فأي الرجال أبغض إليك يا جمعة؟ قالت: أبغض السآلة اللئيم، البغيض الزنيم، الأشوه الدميم، الظاهر المعصوم، الضعيف الحيزوم2. قال: كيف تسمعين يا هند، قالت: ذكرت رجلًا خطره صغير، وخطبه يسير وعيبه كثير، وأنت ببغضه جدير3 وغيره أبغض إلي منه، قال: فقولي قالت: أبغض الضعيف النخاع4 القصير الباع الأحمق المضياع الذي لا يكرم، ولا يطاع، قال القلمس: كلتاكما محسنة.

ومن المحاورات الطريفة الحكيمة تلك التي جرت بين أم تحسن لابنتها الزواج من شيخ له مال وزعامة ورئاسة، والابنة ترد عليها مفضلة الشاب زوجًا ولو كان بلا مال. فقد رحل الحارث بن السليل الأسدي زائرًا لعلقمة بن حفصة الطائي وكان حليفًا له، فنظر إلى ابنة له يقال لها الرباب، وكانت أجمل أهل زمانها، فأعجب بها فقال: جئتك خاطبًا، وقد ينكح الخاطب، ويدرك الطالب، وينجح الراغب. فقال علقمة: أنت كفؤ كريم، ثم انكفأ5 إلى أمها فقال: الحارث بن السليل سيد قومه حسبًا ومنصبًا وبيتًا، أتانًا خاطبًا فلا ينصرفن من عندنا إلا بحاجته فأريدي 6 ابنتك على نفسها في أمره. فقالت: يا بنية أي الرجال أحب إليك الكهل الحجحاج7، الفاضل الهياج أم الفتى الوضاح، الذمول الطماح؟ قالت الجارية: الطماح، قالت: إن الفتى يغيرك8، وإن الشيخ يميرك، وليس الكهل الفاضل، الكثير النائل، كالحدث السن، الكثير المن، قالت: يا أمه، إن الفتاة تحب الفتى كحب الرعاة أنيق الكلا 9، قالت: يا بنية إن الفتى شديد الحجاب، كثير العتاب، وإن الكهل لين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015