الجناح1، قليل الصياح: يا أمه أخشى الشيخ أن يدنس ثيابي، ويبلى شبابي، ويشمت بي أترابي2، فلم تزل بها أمها حتى غلبتها على رأيها فتزوجها الحارث بن السليل على خمس ديات من الإبل وخادم وألف درهم. فابتنى بها3 ورحل إلى قومه، فبينما هو جالس ذات يوم بفناء مظلته وهي إلى جنبه إذ أقبل فتية من بني أسد نشاط يعتلجون ويصطرعون فتنفست صعداء4 ثم أرخت يمينها بالدموع. فقال لها: ثكلتك5 ما يبكيك؟ قالت: مالي والشيوخ الناهضين كالفروخ! قال: ثكلتك أمك، تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها. فذهبت مثلًا. وقال: الحقي بأهلك فلا حاجة لي فيك. فقالت: أسر من الرفاء6 والبنين.

ولعل هذا الحوار يكشف لنا عن ظاهرة اجتماعية كريمة في المجتمع العربي المبكر وهو أن الفتاة كانت تستشار في أمر زواجها.

ومن طرائف الأحاديث البليغة، هذا الحوار الذي جرى بين حميدة بنت النعمان بن بشير وروح بن زنباع، فقد لحظ يومًا أنها تنظر إلى بعض بني قومه من قبيلة جذام وقد اجتمعوا عنده، فلامها على ذلك محاولًا توبيخها، فردت عليه قائلة مستنكرة: وهل أرى إلا جذامًا؟ !! فوالله ما أحب الحلال منهم فكيف بالحرام، ثم قالت تهجوه:

بكى الخز من "روح" وأنكر جلده ... وعجت عجيجًا من جذام المطارف

وقال العبا قد كنت حينًا لباسهم ... وأكسية كردية وقطائف

فنالت منه ومن قومه الذين بكى الحرير واشتكت المطارف من جلودهم وأجسادهم؛ لأنهم ليسوا أهل نعمة.

ومن منظوم العربيات العفيفات الوفيات ما ساقه المؤلف في هذه القصة الطريفة:

قال رجل: خرجت في بغاء بعير لي فسقطت على امرأة في فناء ظلها لم أر لها شبهًا، فقالت: ما أوطأك رحلنا يا عبد الله؟ قلت: بعير لي أضللته فأنا في التماسه. قالت: أفلا أدلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015