ترك المبرد عددًا غير قليل من المؤلفات النادرة مثل الكامل، والمذكر والمؤنث، والمقتضب، والتعازي والمراثي، وشرح لامية العرب، وإعراب القرآن، وطبقات النحاة البصريين وأخبارهم، ونسب عدنان وقحطان، والمقرب والروضة. وهذا الكتاب الأخير يقع -فيما يذكر ابن خلكان- في ثلاثة دفاتر كبار، وكان المبرد قد أهداه إلى محمد بن نصر ابن بسام، ولما تصفح علي بن محمد بن نصر بن بسام هذا الكتاب أخذ دواة وكتب على ظهر أحد الدفاتر هذين البيتين الفكهين مداعبًا المبرد:

لو برا الله المبرد ... من جحيم يتوقد

كان في الروضة حقًّا ... من جميع الناس أبرد

ومن كتب المبرد الأربعة والأربعين التي ذكرها له ابن النديم: الاشتقاق، الأنواء والأزمنة، القوافي، المقصور والممدود، الخط والهجاء، الحروف، المدخل إلى سيبويه، شرح شواهد سيبويه، الإعراب، احتجاج القراءة، الحث على الأدب والصدق، الممادح والمقابح، أسماء الدواهي عند العرب، الوشي، العروض، البلاغة، ما اتفقت ألفاظه واختلفت معانيه في القرآن، الفاضل والمفضول، أدب الجليس، أسماء الله تعالى.

هذا وإن كتب المبرد كما هو واضح من عناوينها تتنوع موضوعاتها بين الأدب والنوادر والأخبار واللغة والنحو والعروض والبلاغة والأنساب وتفسير القرآن والعلوم القرآنية والأخلاق.

على أن الذي نهتم له في هذا المقام من كتب المبرد هو كتابه: الكامل، لنفاسته واحتوائه كل ثمين من ألوان الثقافة وكل طريف من أبواب الأدب واللغة، وهو على ما أشرنا في صفحة سابقة درة أعمال المبرد وواحد من أنفس كتب العربية بحيث عده ابن خلدون واحدًا من أربعة كتب كبار لا غنى لطالب المعرفة والثقافة عن قراءتها.

كتاب الكامل منهجًا ومحتوى:

إن كتاب الكامل على نفاسته وتفرده بالغريب من الموضوعات يشبه البيان والتبيين للجاحظ من نواحٍ كثيرة، ويختلف عنه أيضًا في نواح عديدة، وهذا التشابه أو ذاك التباين لا ينالان من قدر الكتاب، وإنما هو المنهج المبكر الذي لم يكن يعتمد على الخطة والتبويب والالتزام بالموضوع الذي يعالجه الكاتب فضلًا عن الاستطراد ثم العودة إلى الموضوع مرة ثانية، كل ذلك كان سمة واضحة اتسم بها كل من البيان والتبيين، والكامل.

والكامل في جملته ومن خلال أجزائه الأربعة يضم ألوانًا من الثقافة العربية الأدبية والأخبارية والتاريخية واللغوية والنحوية والقرآنية. والمبرد نفسه يلخص منهج كتابه وهدفه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015