وقالوا ثعلب يملي ويفتي ... وأين الثعلبان من الهزبر

ولقد أكثر الشعراء من القول في تفضيل المبرد على ثعلب، غير أن ذلك لا يحط من قدر ثعلب حتى إن بعض المنصفين من معاصريهما قد عرفوا قدرهما مجتمعين وأسبغا على كليهما من صفات التمجيد ما هما أهل له. فمن ذلك قول أبي بكر بن أبي الأزهر:

أيا طالب العلم لا تجهلن ... وعذ بالمبرد أو ثعلب

تجد عند هذين علم الورى ... فلا تك كالجمل الأجرب

علوم الخلائق مقرونة ... بهذين في الشرق والمغرب

وحين مات المبرد بكاه ثعلب وبكى نفسه معه قائلًا1:

مات المبرد وانقضت أيامهُ ... وسينقضي بعد المبرد ثعلبُ

بيت من الآداب أصبح نصفهُ ... خربًا وباقي نصفه فسيخربُ

على أن ابن خلكان ينسب هذين البيتين مع بقية لهما إلى أبي بكر الحسن بن علي المعروف بابن العلاف ويورد الأبيات على النحو التالي2:

ذهب المبرد وانقضت أيامه ... وليذهبن إثر المبرد ثعلب

بيت من الآداب أصبح نصفه ... خربًا وباقي بيتها فسيخرب

فابكوا لما سلب الزمان ووطنوا ... للدهر أنفسكم على ما يسلب

وتزودوا من ثعلب فبكأس ما ... شرب المبرد عن قريب يشرب

وأرى لكم أن تكتبوا أنفاسه ... إن كانت الأنفاس مما يكتب

لقد كانت شخصية المبرد إذن شخصية جذابة سمحة مفعمة بالعلم فياضة بالفضل، ولقد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015