وعى المتكلم بالإحساس بمثل لغوي أعلى معين، يحاول كل فرد أن يحقق به الشعور بالشركة في اللغة.
ويوجد تفاهم واضح بين الأفراد في نفس الجماعة، لتبقى اللغة مطابقة لقواعدها، ولكن العادة ليست اعتباطية، بل إنها على العكس تحددها دائما مصلحة الجماعة؛ وهذه المصلحة هنا هي أن يفهم كل فرد منها الفرد الآخر، ولهذا يعارض كل فرد منها خلق أي شيء اعتباطا، ومن السهل أن تتبع المخالفة الفردية للعادة ويهزأ بها، ويعاقب المخالف حتى لا تبقى له أية رغبة في ارتكاب مخالفة أخرى، ولا يمكن لمخالفة ما أن تصبح قاعدة، إلا إذا كان كل فرد في الجماعة ميالا إلى ارتكابها، أو بعبارة أخرى يجب أن ينظر إليها باعتبارها قاعدة لا خرقا لقاعدة.
وللناس فكرة دقيقة عن لغاتهم؛ فهم يحسون بمنتهى الدقة بأقل خروج على اللغة، ولذلك فإن خير من يستشار في أمور الاستعمال اللغوي هم العامة، أما المجامع اللغوية، فإنها يحق لها أن تبحث ما إذا كان الأتوموبيل مذكرا أو مؤنثا، أو بعبارة أخرى أن تبحث في المسائل النظرية.
هذه الرغب في توخي الصواب، وضمان ثبات العادة هما اللذان يخلقان اللغة في أي مجتمع؛ ولكننا إذا بحثنا عن التحقق التام للغة في فرد، فسوف لا نجده؛ وكثير هؤلاء الذين يتكلمون الفرنسية، ولكن ليس هناك متكلم واحد بالفرنسية، يستطيع أن يؤدي وظيفة القاعدة والمثال للآخرين، ومن هنا نقول: إن اللغة الفرنسية لا توجد في اللغة، التي يتكلمها أي كائن إنساني بمفرده، ويمكن أن يقال باختصار: إن اللغة شكل لغوي مثالي يفرض على الأفراد في الجماعة الواحدة، "وأعم تعريف للغة هو أنها نظام من العلامات1"، ويقصد بالعلامات هذه الرموز، التي تستخدم في خلق اتصال بين شخص وآخر، وما دامت أنواع هذه الرموز متعددة، فمن الواضح أن هناك لغات متعددة، فكل حاسة يمكن أن تستخدم في خلق لغة ما، فهناك لغة للشم، ولغة للمس وأخرى للسمع وأخيرة للبصر، ولكن