دون الزمان في بعض الحجج، ثم من الذي يستسيغ أن المصدر يدل على الزمان، حتى لو كان هذا الزمان مطلقا؟ أولا يقول ابن مالك.
المصدر اسم ما سوى الزمان من ... مدلولي الفعل كأمن من أمن.
فإذا علمنا أن ابن مالك يشرح بألفيته مذهب البصريين، أكثر ما يشرح، عرفنا مدى ضعف الحجة في القول بأن المصدر يحتوي عنصر الزمن، فعنصر الزمن هذا من خواص الأفعال، لا الأسماء الجامدة، ولا الأسماء المشتقة، وليس حرص البصريين على المنطق أقل من حرص الكوفيين، ويكفي أن نلحظ أن حججهم تشمل كلمات مثل "الأجناس" و"القياس"، و"يقوم بنفسه"، و"وزمان مطلق". والزمان المطلق، أو الفلسفي لا صلة له بالنحو، وسيأتي شرح ذلك في منهج النحو، إن شاء الله.
القول بأن صيغة ما أصل لكلمة، أو صغية أخرى مما يتنافى مع المنهج اللغوي الحديث، فلا يطيق هذا المنهج اصطلاحات مثل "نائب الفاعل"؛ لأن في ذلك تلميحا إلى أن الفاعل أصل للمرفوع بعد ما بني للمجهول، وليس ذلك كذلك. يقول الصبان تعليقا على قول الأشموني: "النيابة مشروطة بأن يغير الفعل عن صيغته الأصلية": هذا كالصريح في أن المبني للمفعول فرع المبني للفاعل، وهو مذهب الجمهور، وقيل: كل أصل"1، فحتى بعض النحاة الأقدمين كما نرى، كان يستهجن أن يجعل صيغة أصلا لصيغة أخرى، قالقول بأن كلمة أو صيغة أصل لكلمة، أو صيغة أخرى مردود في القديم والحديث، فلا الفعل، كما يقول الكوفيون، ولا المصدر، كما يقول البصريون، أصل للمشتقات؛ لأنك قد رأيت أن الأدلة على أصالة كل منهما ضعيفة، لا تقاوم النظرة الفاحصة، فما وجه القول إذا في الاشتقاق، وما نظرة علم اللغة الحديث إليه؟.
وجه القول، كما أراه في ضوء الدراسات اللغوية الحديثة، أن مسألة الاشتقاق تقوم على مجرد العلاقة بين الكلمات، واشتراكها في شيء معين، خير من أن